قبل فترة كتبت مقالا أقترح فيه استبدال العمالة الوافدة كل خمس سنوات، وقلت إن بعض هؤلاء الوافدين أساء ويسيء إلى الكويت بالتعاون أو بالتغاضي من رؤسائه أو زملائه من أهل الكويت، وإن أفضل طريقة لتحاشي استمرار التلاعب من بعض الوافدين هو تدوير هذه العمالة، بحيث نستفيد من التخلص من المتلاعبين واستفادة الدول المصدرة للعمالة بإعطاء فرص لآخرين للحصول على عمل في الكويت.

وقد تناول آخرون قضية الوافدين بطريقة مؤذية، وفيها الكثير من التجني وقلة الذوق، فنحن بلا شك لنا الحق في تنظيم التركيبة السكانية، لكن لا تجوز الإساءة إلى من يعمل معنا أو ننكر حقوقه أو الانتقاص منها، وليس من العدل أيضا تحميل الوافد كل مشاكل الكويت وكأنهم جاؤوا من المريخ، واستيقظنا صباح يوم فوجدناهم يشغلون الأعمال في بلدنا.

Ad

إن كل وافد دخل الكويت بالطريق المشروع إما بالتوظيف المباشر في الحكومة والقطاع الخاص أو من خلال شركات وهمية ابتدعها كويتيون، وجلبوا بواسطتها كثيرا من العمالة المرهقة بضريبة الكفالة المجحفة التي يفرضها أصحاب هذه الشركات الوهمية، فوجود الجميع وجود شرعي، ومن خالف تقوم الدولة بترحيله إلى بلده.

لذلك فإن الضجة المفتعلة التي قام بها البعض والإساءة الجارحة للوافدين ليس لها مبرر ولا تجوز، فكثير من إخواننا الوافدين يقومون بأعمال ضرورية، وحتى لو وضعنا خطة لتصحيح التركيبة السكانية أو لاستبدالها بين وقت وآخر فإن هذا يجب أن يتم باحترام حقوق الناس، وتقدير خدماتهم، وتنظيم عملية الاستبدال، أو إنهاء الخدمات بكل إنسانية وتحضر.

تؤذي كلمة وافد بعض إخواننا العرب، وأعتقد أن هؤلاء ممن خدموا في الكويت مدة طويلة أصبح يرى في الكويت موطنه الثاني، وهذا شعور طيب، ولكن في الكويت جنسيات كثيرة، وكلمة وافد تعني القادم من مكان آخر، وليست شتيمة أو جارحة، وهي أفضل من التسميات القديمة، حيث كنا نقول عن كل الوافدين إنهم أجانب.

ما يحز في نفس الوافد المخلص الذي خدم بكل ضمير ولم تسجل عليه أي مخالفة أن يعامل بعد كل هذه السنوات معاملة غير لائقة، أو يحمل كل ذنوب زحمة المرور واستهلاك الكهرباء والماء وبأسلوب الردح الذي لا يليق.

إن بعض الأصوات المتعالية والنظرة الدونية لشعوب العالم لا تسيء إلى صاحب الصوت وحده، وإنما تسيء إلى البلد وإلى شعب الكويت كله، فالسامع لأصحاب هذه الأصوات سيرى أننا شعب جاحد نسي ما قدمه الوافد من خدمات جليلة لبلدنا، ونسي حاجتنا له حين بدأنا بناء الكويت، ونسي دورهم في كل مجالات الحياة، وفي كل قطاعات العمل، ونسي أن الكويتيين تدربوا على يد الوافدين، وأخذوا من خبرتهم، وأن الواجب يحتم علينا إن شعرنا بأننا لم نعد بحاجة لمساهماتهم أن نضع خطة لاستبدال الوافدين أو توديعهم بأسلوب يحفظ لهم كرامتهم، ويبين لهم تقديرنا واحترامنا لإنجازهم.