بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن بلاده ستواصل استقبال اللاجئين، وستمنح إقامات خاصة لأولئك العالقين في مطارات أميركية بموجب الحظر الذي طبقته الولايات المتحدة على 7 دول إسلامية، أطلق ملثمان النار مساء أمس الأول على مصلين بمسجد في كيبك، ما أسفر عن سقوط 6 قتلى في هجوم غير مسبوق وصفه بـ "العمل الإرهابي".وفي وقت تتزايد مخاوف من موجة كراهية شعبوية ضد المهاجرين حول العالم، قد تتخذ أبعادا معادية للمسلمين، دخل المسلحان إلى المركز الثقافي الإسلامي في كيبك، جنوب شرق كندا، في نهاية صلاة العشاء وأطلقوا النار على نحو 50 من المصلين.
وبعد دقائق على الهجوم، نشرت قوات كبيرة للشرطة، وتمت معالجة الجرحى الأوائل في سيارات إسعاف في المكان. وأعلنت فرق الإنقاذ أن ثمانية آخرين جرحوا.ووقع الهجوم في حي سانت فوا السكني المتاخم لمنطقة واسعة تضم مكاتب ومحلات تجارية على بعد نحو 10 كيلومترات عن الوسط التاريخي لمدينة كيبك.وكان المركز نفسه المعروف باسم مسجد كيبك الكبير شهد الصيف الماضي عملا يحمل طابع الكراهية، عندما وضع مجهولون رأس خنزير أمام أحد أبوابه أثناء شهر رمضان. ووجدت كتابات عنصرية خلال الأشهر الأخيرة على جدران عدة مساجد في أنحاء كندا التي يقدر عدد المسلمين فيها بـ1.1 مليون شخص.
توقيف المنفذ
في غضون ذلك، أفادت الشرطة بأنها اعتقلت المنفذ التي قالت وسائل اعلام كندية أنه يدعى الكسندر بيزونيت. واعتقل شخص آخر بالقرب من جزيرة أورليان على بعد 20 كيلومترا عن المكان الذي وقع فيه الهجوم وأعلنت الشرطة في وقت لاحق أنه شاهد عيان ويدعى محمد خضير.وتسعى الشرطة إلى معرفة تفاصيل الوقائع عبر استجواب الشهود الناجين من الهجوم الذين تجمعوا في مركز رياضي قريب من المسجد.وأوضح أحد هؤلاء الشهود أن "الرجلين كانا يضعا لثاما أسود"، وأحدهما "كان يتحدث بلكنة كيبكية واضحة". وأضاف أنه عندما بدأ إطلاق النار "ألقى الرجال بأنفسهم أرضا".وتبين أن من بين القتلى الـ ٦ جزائريان وتونسي.إدانة وصدمة
في موازاة ذلك، دان رئيس الوزراء الكندي ترودو الهجوم، ووصفه بـ "الإرهابي". وقال في بيان: ندين الاعتداء الذي استهدف مسلمين موجودين في مكان عبادة وملاذ". وأكد ترودو أن "المسلمين الكنديين يشكلون عنصرا مهما في نسيجنا الوطني، وأعمالا جنونية مثل هذه لا مكان لها في مجتمعاتنا ومدننا وبلدنا".وشدد على أن "التنوع هو قوتنا، والتسامح الديني بالنسبة إلينا ككنديين من القيم العزيزة علينا".وكان ترودو وجه، السبت الماضي، رسالة تجميع ووحدة بتأكيده أن بلاده ماضية في استقبال اللاجئين "بمعزل عن معتقداتهم"، في رد غير مباشر على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب منع دخول رعايا 7 دول مسلمة إلى الولايات المتحدة.وقال في "تغريدة" على تويتر: "إلى الذين يهربون من الاضطهاد والرعب والحرب، عليكم أن تعرفوا أن كندا ستستقبلكم بمعزل عن معتقداتكم"، مؤكدا أن "التنوع يصنع قوتنا". وأضاف "أهلا بكم في كندا".أما رئيس حكومة مقاطعة كيبك الناطقة باللغة الفرنسية، فيليب كويار، فقال إن "الإرهاب يضرب كيبك مثل أي مكان آخر في العالم. سنواجهه معا بشجاعة وتضامن".وأضاف: "نتقاسم جميعنا مشاعر الرعب وعدم التصديق والصدمة"، وذلك بحضور رئيس بلدية كيبك ريجي لابوم الذي قال إن لديه انطباعا بأنه "يحلم". وأضاف رئيس البلدية باكيا: "كيبك حزينة، المدينة الرائعة تعيش مأساة لا اسم لها".ونكست الجمعية الوطنية علم كيبك، رفضا للعنف الهجمي ضد أتباع الديانة الإسلامية، وتضامنا مع أقارب الضحايا والجرحى وعائلاتهم.استنكار واسع
وأثار الهجوم موجة استنكار من عواصم إسلامية وعربية وأوروبية عدة، من بينها الرياض والقاهرة والرباط والدوحة وباريس وبرلين ولندن. ودان مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الهجوم.ودانه أيضا مسؤولون سياسيون، بينهم رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشيل، الذي استنكر "الاعتداء الجبان"، ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني.وفي فرنسا، دان الرئيس فرانسوا هولاند الهجوم، معتبرا أن "الإرهابيين" أرادوا "ضرب روح السلم والانفتاح لدى الكيبكيين".وعلى غرار فرنسا كابد إقليم كيبك في وقت ما للمواءمة بين هويته العلمانية وتنامي أعداد المسلمين الذين يتحدر كثيرون منهم من شمال إفريقيا.ووفق آخر تعداد سكاني أجرته كندا عام 2011، يتحدر واحد من كل خمسة كنديين من أصول أجنبية.واستقبلت كندا أكثر من 39 ألفا و670 لاجئا سوريا بين نوفمبر 2015 وبداية يناير الجاري.