«شنو هذا؟»
إن تعزيز الأفكار والقوانين التي لا فائدة من ورائها أبدا يعطل تحصيل أموال الدولة، ويعزز تهاون الناس في أداء التكاليف المستحقة عليهم للدولة، فإن كان المشرعون يفكرون بهذا الأسلوب السطحي الخالي من أي نظرة لمصلحة الدولة فلا نعتب على حكومات سطحية متعاقبة، فهي تعرف من تواجه وتفهم هذه العقليات.
"إن اللجنة وافقت بالإجماع على اقتراح بقانون بشأن عدم جواز قطع المياه أو التيار الكهربائي عن المشتركين إلا بعد صدور حكم قضائي مع حصر هذا الأمر بالسكن الخاص".كل التخبط يتلخص بالاقتباس أعلاه، وبقرار نيابي ممثل عن الأمة بأسرها، فالسادة النواب في اللجنة التشريعية بمجلس الأمة وافقوا على اقتراح غريب وغير مفهوم بتاتاً، فالحكومة تقدم خدمة الكهرباء والماء للسكان مقابل نظير مادي تتقاضاه من السكان للحصول على الكهرباء والماء، ومتى ما تخلف الناس عن السداد مقابل الحصول على هذه الخدمة يفترض أن يكون لمزودي تلك الخدمات الحق في المطالبة بأموالهم، فإن لم يستجب صاحب السكن بالسداد فلها كل الحق بإيقاف خدماتها إلى حين السداد.وهو الأمر نفسه الذي نطبقه في كل الخدمات التي نتلقاها سواء من القطاع الحكومي أو الخاص، فإن لم نسدد فواتير الهاتف المنزلي أو المتنقل فسيقوم مزود الخدمة (وزارة المواصلات أو شركة الاتصالات) بإيقافها لحين السداد، والأمر نفسه على اشتراك الإنترنت أو القنوات التلفزيونية (شوتايم – بي إن... وغيرها) واشتراكات الصحف سابقا والعديد من الأمثلة المقبولة والطبيعية جدا.
إلا أن السادة في اللجنة التشريعية بمجلس الأمة ولعرقلة تحصيل الدولة لمستحقاتها قرروا الموافقة على اقتراح غريب أخشى ما أخشاه أنه سيقر كقانون في المجلس قريباً لخوف النواب من الناخبين.فالحكومة هي المزودة للخدمة والمواطن هو المتخلف عن السداد، والحكومة ستكون ملزمة بالاستمرار في تزويد الخدمة للمواطن واللجوء للمحاكم، وتكبد تكاليف ووقت التقاضي طوال هذه الفترة إلى أن تحكم المحكمة بأحقية الحكومة في مطالبتها بالأموال من المواطنين!! وعليكم أن تتخيلوا هذا الوضع الذي تم إقراره باللجنة التشريعية، لو قيل لشركة عالمية تسعى إلى الدخول في السوق الكويتي لتقديم أي خدمة لسكان الكويت، بأنكم يا شركة عالمية ستقدمون خدماتكم للناس، وإن تخلفوا عن السداد فستستمرون في تقديم خدماتكم، ولا يحق لكم إيقافها أبداً إلا بعد الحصول على حكم قضائي نهائي تتحملون أنتم أتعابه كلها، ماذا سيكون رد هذه الشركة العالمية؟ أعتقد أن إجابتهم لن تكون صالحة للنشر.إن تعزيز هذه الأفكار والقوانين التي لا فائدة من ورائها أبدا يعطل تحصيل أموال الدولة، ويعزز تهاون الناس في أداء التكاليف المستحقة عليهم للدولة، فإن كان المشرعون يفكرون بهذا الأسلوب السطحي الخالي من أي نظرة لمصلحة الدولة فلا نعتب على حكومات سطحية متعاقبة، فهي تعرف من تواجه وتفهم هذه العقليات، ولتستمر الحال إلى حين إشهار الإفلاس.خارج نطاق التغطية: أشارك اليوم الأربعاء في ندوة بعنوان الجدل حول التركيبة السكانية في تمام السادسة والنصف مساء بالجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية بالخالدية، يشاركني فيها النائب عادل الدمخي والأستاذة عالية الخالد والدكتورة غدير أسيري، يشرفني وجودكم.