اقتربت أيام الأعياد الوطنية... لعيد الاستقلال، وعيد التحرير... كل عام وأنتم بخير.بدت الأعلام التركية الحمراء تعانق أعمدة النور في الشوارع، وجدران المباني الرسمية، ومن نخاطب حتى يعي، البلدية أم اللجان الوطنية؟ العلم الملغى كالعملة القديمة، بلا رمز وبلا دلائل، حتى إنها جُلبت من بلاد الصين، الداخلية بمخافرها مولعة برفع العلم التركي بجانب علم الاستقلال.
وسأسرد لكم مراحل العلم التركي:(1) (سليمي): علم أحمر مموج باللون الأبيض ناحية السارية مماثل لعلم البحرين الآن.(2) أخضر بهلال ونجمة أهداه الأتراك للشيخ جابر الأول عام 1866.(3) أحمر بهلال ونجمة رفعته إمارة الكويت في 5 مايو 1871، وأُعيد في 13 ديسمبر 1914 عندما منحت البلاد استقلالها الذاتي.(4) علم أحمر فيه عبارة «توكلنا على الله»، رفعه الشيخ مبارك الصباح عام 1903 خلال زيارة اللورد كريزون.(5) أحمر فيه اسم الكويت هكذا: (Koweit) اقترحه الإنكليز في مارس 1906.(6) طرأ على العَلم تعديل لإرضاء إنكلترا وتركيا معا، أرضية العلم حمراء فيها بالأبيض اسم «كويت» والحروف الفرنسية «Koweit»... هكذا الشعارات الدولية الدبلوماسية كانت بالهجاء الفرنسي، وذلك في سنة 1906.(7) العلم بأرضية حمراء، وفي أقصى اليمين هلال ونجمة خماسية باللون الأبيض استخدمته السفن لإرضاء تركيا، والسماح لسفن الكويت بدخول البصرة، وهو علم تركيا الحالي، مع اختلاف بسيط للعلم التركي الحالي فيه الهلال والنجمة في المنتصف، وكان العلم الكويتي فيه الهلال والنجمة في أقصى اليمين.(8) العلم الأحمر السابق في أقصاه على اليسار اسم الكويت هكذا «كويت»... هذا النموذج وسابقه فيه الطول أكثر من ضعفي قياس العرض، خلافا للأصول المتبعة.(9) اقترح الشيخ مبارك تعديلاً آخر، فجعل العلم الأحمر في زاويته العليا على اليمين اسم «الكويت» والهلال والنجمة في الوسط، مثل العلم التركي الحالي... والذي يرفع الآن فيه اسم الكويت في الوسط، ترفعه في الأعياد معظم الجهات والوزارات الرسمية، ومنها ما تُبقيه طوال العام، كالمنشآت الأمنية والعسكرية، مركز دسمان لأمراض السكر. يرفع العديد العلم الأحمر مع أعلام الاستقلال الرسمية، وكأن تركيا لها مساهمة في إنشاء هذا المركز، بلغتُ د. عبدالله بن نخي، وتكرم بإبلاغ المسؤول عن المركز، فأجابه بأن مواقع كثيرة في الدولة ترفع العلم التركي بجانب العلم الرسمي... وبقي حتى الآن منتصبا في ساحة المركز الجنوبية، وكذلك في الأسواق ومواقع الاحتفالات.هناك مرجع مهم استندت إليه، وهو كتاب تاريخ العلم الكويتي للمرحوم الأستاذ حمد محمد السعيدان، الصادر في 1985..
بداية رفع العلم التركي
رُفع العَلم التركي في عهد الشيخ عبدالله (الثاني) بن صباح بن جابر في 1866، لحماية السفن الكويتية الذاهبة إلى البصرة ودول الخليج العربية، لأن تركيا كانت هي القوة العظمى في الشرق الأوسط والمهيمنة على معظم الدول العربية، ولا تستطيع الكويت مخالفتها في عدم رفع علمها، وكان الشيخ مبارك الصباح يناور ويراوغ بريطانيا العظمى والإمبراطورية العثمانية التركية الإسلامية.وكانت تركيا تحارب الكويت بيد غيرها، مثل عبدالعزيز الرشيد وبسلاحها التركي، في حرب الصريف (مارس 1901). كان الرشيد حليفا للأتراك، حاول الشيخ مبارك التخلص من العلم العثماني الأحمر، كما تخلص منه الشيخ خزعل، ليبتعد عن التبعية العثمانية، حتى تخلص الشيخ مبارك بذكاء في اللجوء إلى المعاهدة البريطانية، فأبقى على العلم التركي لحماية السفن الكويتية الذاهبة إلى البصرة لتصدير منتجات العراق، وخاصة المورد القومي الرئيسي في التمور.وعندما زار الكويت اللورد كريزون نائب ملك بريطانيا في الهند أدخل الشيخ مبارك تعديلا على العلم التركي الذي كانت ترفعه الدولة، بإدخال عبارة «توكلنا على الله».أشار وريمر في كتابه الموسوعي (دليل الخليج) إلى ذكاء مبارك لتجنيب الكويت غضب بريطانيا وتركيا معاً.وهذا التعديل في العلم يُعد مَخرجا بروتوكوليا بارعا، كما عبر عنه أ. حمد السعيدان في كتابه «تاريخ العلم الكويتي» (صفحة 34)، حتى إن الشيخ مبارك قام بذلك، لتسهيل دخول السفن الكويتية للتجارة وحماية لأملاك عائلة الصباح في الفاو، وأملاك تجار الكويت في الجنوبيات، فسمح برفع العلم التركي المستطيل وفيه على جنب الهلال والنجمة الخماسية، كما هو في العلم التركي اليوم.إذا كانت تلك المناورات البروتوكولية تقي أملاك الكويتيين وسفنهم ذلك الوقت، فإنه الآن بعد مرور 46 سنة على اعتماد علم الاستقلال لا مبرر للدولة أن ترفع العلم التركي الأحمر في الشوارع وأمام المؤسسات والوزارات والمحافظات وفي الاعلام والصحف، وحتى على طائرات الخطوط الكويتية، كما لفت نظري إلى ذلك الأستاذ عبدالاله الخالد.