عمار زائد... ومضمون غائب!

نشر في 02-02-2017
آخر تحديث 02-02-2017 | 00:18
 عبدالمحسن جمعة مَن يتجول في مدينة الكويت وضواحيها يلاحظ تطوراً عمرانياً كبيراً وإنجازات لافتة في مجالات البناء والطرق، رغم أن وسط مدينة الكويت مازال على حاله من الإهمال وعدم التطوير، مثل شارع فهد السالم وما حوله من ميادين وشوارع، وكذلك غياب عملية تطوير النقل الجماعي مثل شبكة المترو وخلافه، المهم أن الكويت في طفرة عمرانية ملحوظة.

حالة رواج العمار وتمدد المدن تكون غالباً متلازمة مع ازدهار وتنوع اقتصادي وموارد مالية متعددة، وتوطين حرف وصناعات ماهرة أو تميز أهل تلك المدن بابتكار وسائل جذب واستثمار لخدمات متطورة يقدمونها لإقليمهم أو للعالم، كل هذا غير موجود في الكويت لأن النهضة العمرانية عندنا قائمة على مورد واحد هو النفط وإيراداته وما استطاعت الدولة تجميعه من مدخرات وظفتها كاستثمارات، فإذا فقد هذا المورد أهميته وسعره فإن كل شيء سينتهي، وتلك الاستثمارات ستستنزف خلال بضع سنوات.

الغريب أننا، بعد سبعين عاماً من تصدير أول برميل نفط –يونيو 1946- والمداخيل الهائلة التي جنتها الدولة من تصديره، وأيضاً عملية التعليم الضخمة والبعثات، والقضاء تقريباً على الأمية في الكويت منذ زمن، لم نستطع توطين صناعة أو حرفة معينة، ولم نخلق خدمات أو نجلب استثمارات بفضل موقعنا المتميز في المنطقة، ولم نتمكن حتى أن ننتقي أي نشاط سياحي رغم قدراتنا الثقافية والرائدة في مجالات الفنون والإعلام.

هنا لا نتكلم عن صناعة السيارات والطائرات، بل عن صناعات صغيرة وتحويلية مثلما فعلت سنغافورة وهونغ كونغ ووادي السليكون في كاليفورنيا، أو موانئ ومطارات تكون نقطة وصل بين الغرب والشرق، أو حتى استغلال مواهب أبنائنا الذين يبرعون في الصناعات الغذائية، فلماذا لا نكون مركزاً لجمع المحاصيل وخلق صناعات غذائية متنوعة وكبيرة، خاصة أن صندوق التنمية الكويتي لديه أنشطة منذ عقود في تمويل الدول الزراعية؟

كل تلك المشاريع لتعدد الدخل الوطني مُمكنةٌ لو خرجنا من عقلية المضاربات بالأوراق المالية والعقارات وعمولات المناقصات والوكالات التجارية، إلى أفكار تصنيع ونشاط اقتصادي جدي يمكننا حتى من أن نحول نقمة العمالة الرخيصة والسائبة في البلد إلى نعمة عبر إعادة تأهيلها في صناعات وحرف منتقاة تتلاءم مع متطلبات مستقبل أفضل للاقتصاد الوطني. هناك أفكار كثيرة يمكن أن تتبناها الدولة عبر مجالس صغيرة تمثل خزانات فكر ومبادرات تدعم رؤيتها للكويت الجديدة 2035، والتي أرى أنها تعتمد كثيراً على البناء والإعمار دون وجود أساس صلب لتنوع موارد الدولة المالية يمثل مضموناً اقتصادياً فاعلاً يعبر بها إلى مرحلة ما بعد حقبة النفط.

back to top