اختيار القاضي نيل غورستش لعضوية المحكمة العليا الأميركية، يندرج بحسب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في إطار الوفاء بالوعود التي قطعها على نفسه للقاعدة التي انتخبته.

ومن الواضح أن تشديد ترامب على هذا الأمر يأتي في إطار ما بات يعتبره البعض «حرب إلغاء» إرث الأوبامية، نسبة إلى الرئيس السابق باراك أوباما، ومنع الهيمنة الليبرالية على أعلى سلطة قضائية قادرة على نقض الكثير من المشاريع والقوانين، التي يرغب الجمهوريون وأنصار ترامب والمحافظون الأكثر تشدداً في إقرارها.

Ad

وأعلن الجمهوريون دعمهم الكامل لتثبيت القاضي غورستش، الذي صنف بأنه محافظ غير متشدد، في حين توعد الديمقراطيون بأن ترشيحه لن يمر، وأنهم سيمارسون التعطيل الذي مارسه الجمهوريون ضد المرشح الذي اختاره أوباما العام الماضي، مما يعطل إمكانية استخدام المحكمة العليا في المواجهات السياسية والقضائية المرشحة للتصاعد من الآن فصاعداً.

تهديدات الجمهوريين بتعديل القانون، الذي يشترط حصول المرشح لعضوية المحكمة العليا على 60 صوتاً في مجلس الشيوخ وتقليصه إلى 51، يعد معركة تشريعية هو الآخر، ما يعني أن تثبيت غورسوتش في منصبه قد يطول كثيراً، مع تشديد الديمقراطيين على أن تقليص عدد الأصوات يتعارض مع تثبيت قاضي المحكمة العليا الذي يخدم مدى الحياة ولا يمكن إقالته من منصبه أبداً.

يذكر أن الولايات المتحدة لم تعهد هذا النوع من الانقسام السياسي على كل شيء تقريباً، كما هو الحال اليوم.

ومع حصول خمسة فقط من أعضاء إدارة ترامب على تثبيت تعيينهم في مجلس الشيوخ، مقابل 12 خلال الفترة نفسها من بداية عهد أوباما عام 2009، يبدو واضحاً أن الصعوبات السياسية لإدارة ترامب مرشحة للتصاعد، في حين تتحول التظاهرات إلى مشهد طبيعي في أغلبية المدن الأميركية الكبرى، وخصوصاً أمام البيت الأبيض بواشنطن.

تداعيات الأوامر الرئاسية التي يواصل ترامب إصدارها، وصفها البعض بأنها «إرهاصات ما يشبه العصيان المدني»، في الوقت الذي اعتُبر «طرد» سالي ييتس وزيرة العدل بالوكالة بالشكل والتعابير التي استخدمت ضدها ووصفها بـ«الخائنة»، رغم أنها خدمت في تلك الوزارة أكثر من 30 عاماً، أنه يكشف عن طبيعة ما يُعِد له الرئيس ترامب من أسلوب ونهج في تسيير أمور الدولة، فإما أن تكون مع الرئيس أو لا مكان لك في مؤسسات الدولة.

قرار حظر دخول مواطني الدول السبع، قد يتحول إلى معضلة سياسية كبيرة، مع انكشاف العديد من التفاصيل التي أحاطت بإصداره.

ومع كشف وسائل الإعلام أن أغلبية المسؤولين المعنيين بالقرار، وخصوصاً وزير الأمن الداخلي جون كيلي، لم يطلعوا عليه، رغم مسارعة الأخير إلى نفي تسريباته قائلاً إنه لم يطلع على تفاصيله فقط؛ ثارت بلبلة في صفوف فريق إدارة ترامب، ما أجبر العديد منهم على نفي ذلك ورفضهم تسميته بقرار حظر، سواء على الدول السبع أو على المسلمين، رغم أن ترامب وعدداً كبيراً من مساعديه أطلقوا عليه صفة الحظر.

وتتحدث وسائل الإعلام الأميركية بشكل أكبر عن تحول المواجهة بين الرئيس ومعارضيه إلى معركة مع القضاء، في ظل إعلان أكثر من 16 حاكم ولاية، بينهم جمهوريون، رفع دعاوى قضائية ضد القرار. كما وقع 60 نائباً عاماً سابقاً عريضة مشتركة مناهضة، في حين كانت المفاجأة توقيع 900 موظف كبير في الخارجية عريضة ترفضه وتحذر من تداعياته.

وكان لافتاً أيضاً انضمام أغلبية قطاع التكنولوجيا أو «السيليكون فالي» إلى مناهضي المشروع، في وقت أعلنت شركة فورد للسيارات رفضها له، وانضمت إليها شركة كوكاكولا للمشروبات الغازية أيضاً.

وحذرت أوساط سياسية من أن النهج الذي يقوده ترامب مع فريقه، قد يُدخل البلاد في تحديات لم تعهدها، مشيرة إلى دلالة قيامه بترفيع كبير مستشاريه الاستراتيجيين ستيفن بانون، ليحتل مقعداً في مجلس الأمن القومي إلى جانب مستشاره للأمن القومي ووزراء الدفاع والخارجية والأمن الداخلي وغيرهم.

ويتهم بانون بأنه العقل الذي يدير البيت الأبيض، في حين يتحدث البعض عن توتر بشأن الصلاحيات مع كبير موظفي البيت الأبيض رينس برايبوس. وفي اعتقاد تلك الأوساط أن عدم إشراك الوزراء في القرارات التي ينوي ترامب اتخاذها، وتكليف مساعديه الرسميين وغير الرسميين بإعدادها (مثل ستيف ميلر البالغ 31 عاماً، وهو مستشار مساعد لبانون، قيل إنه مَن صاغ نص قرار الحظر، وواقعة طرد وزيرة العدل بالوكالة)، يكشف عن نية ترامب إضعاف الوزراء والمسؤولين وتهميشهم، مما يجعل مساءلتهم الدائمة عن أعمالهم أمام مجلسي الشيوخ والنواب، من دون جدوى أو قيمة سياسية، بينما المستشارون الرئاسيون في منأى عنها في الوقت الذي يدينون له بالولاء الشخصي.