حزمة من الأزمات تطوي بين سطورها وعبر صفحاتها الأجندة الخاصة للحزب الديمقراطي، وهو الحزب الذي ظل يعزف منفرداً داخل أروقة البيت الأبيض والكونغرس معاً ثماني سنوات متتالية، وهي الحقبة الأصعب في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية بلمسات الثنائي الديمقراطي (أوباما- هيلاري).وتأتي في مقدمة تركة الديمقراطيين خريطة التنظيمات المسلحة التي تنتشر في الشرق الأوسط مع صعود الربيع العربي الأميركي، والتي تبناها الديمقراطيون لتنفيذ مخطط إعادة تقسيم الشرق الأوسط تحت ما يعرف الحرب بالوكالة، وخصوصاً أن تقرير الأمن القومي الأميركي لعام ٢٠١٥ الصادر عن شهر أغسطس من العام نفسه قد أشار إلى معلومات خطيرة تم عرضها وقتها على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وقد جاء في التقرير أن هناك عشرة تنظيمات مسلحة تنتشر في أوروبا والشرق الأوسطـ، علاوة على تمركز منتسبيها في ثلاث ولايات داخل أميركا بحكم الجنسية الثانية، محذراً الإدارة الأميركية من أن هناك مشروعاً لتأسيس الدولة الجهادية العظمى التي يتوحد تحت رايتها تنظيم "داعش" في الشام والعراق، وأنصار الشريعة في ليبيا، وأنصار بيت المقدس في سيناء.
كما أشار التقرير إلى أن هناك أطرافا كثيرة استفادت من وجود هذه التنظيمات، وخصوصاً أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" حقق ثروات طائلة تبلغ أكثر من مئة مليار دولار من بيع بترول الموصل في العراق، والتجارة في الأعضاء البشرية، وتهريب آثار لجهات مجهولة داخل أوروبا من خلال المافيا الإيطالية التي نقلت آثار تدمر من سورية لأوروبا. أما الإشكالية الثانية التي خلفها الديمقراطيون بالنسبة إلى ترامب فهي النفوذ الروسي غير المسبوق على مسرح العمليات داخل الأراضي السورية، فقبل الربيع العربي اقتصر الوجود الروسي في صراعه داخل جزيرة البلقان، أما الآن فأصبح الروس طرفاً في المعادلة السورية بالتنسيق غير المعلن مع إيران، بل استطاع الروس أن يجروا تجارب لصواريخ إس ٣٠٠ وإس٤٠٠ الروسية من خلال الضربات العسكرية لتنظيم "داعش" في سورية، وحقق الجانب الروسي مبيعات سلاح غير مسبوقة لعدد من دول الشرق الأوسط. كل هذا التفوق والمكتسبات الروسية ساهم في صنعها باراك أوباما، وهي الإشكالية الكبرى التي تجعل من دونالد ترامب يقدم المزيد من التنازلات في الصراع الروسي الأميركي داخل منطقة الشرق الأوسط، والذي تسببت فيه سياسة الرئيس السابق باراك أوباما، وهذا ما سيلعب عليه الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين في حل الأزمة السورية، ووضع تسوية شاملة توافقية يسعى من خلالها بوتين إلى نشر أكثر من قاعدة روسية عسكرية، في إطار هذه التسوية، التي ستضع ترامب في موقف حرج في حالة قبوله مزيدا من التنازلات للجانب الروسي. وظهر ذلك بوضوح في مؤتمر أستانا الذي لم يأت بجديد سوى كونه نسخة من چنيڤ (٢) وهنا السؤال: ماذا سيفعل الوافد الجديد ترامب أمام هذه التركة التي تمثل عجزاً كلياً أمام الإدارة الأميركية الجديدة، بالإضافة إلى العجز الجزئي الذي اتضحت معالمه في إشكالية الحدود المفتوحة مع المكسيك وسقف الدين الأميركي؟! * أحمد عطا ، باحث في شؤون الإرهاب الدولي
مقالات - اضافات
ترامب في مواجهة تركة الديمقراطيين
03-02-2017