6/6 : دروس ترامبية
ليس مفاجئاً القرار الرئاسي الأميركي الذي وقَّعه الرئيس ترامب الأسبوع الماضي، والخاص بمنع المسلمين من ست دول عربية إضافة إلى إيران، من دخول الأراضي الأميركية، حتى وإن حملوا فيزا صالحة لزيارة الولايات المتحدة أو الإقامة فيها. السبب في عدم الاستغراب، هو أن نجاح دونالد ترامب بمقعد الرئاسة الأميركية استند إلى شعاره (أميركا أولاً)، وما اتصل به من روح وأنفاس عنصرية وإقصائية للآخر (غير الأميركي) تستهدف العرب والمسلمين أولاً، ثم باقي البشر، وترمي لاستعادة أمجاد الولايات المتحدة، التي أهدرها بنظره من سبقه من رؤساء، وآخرهم أوباما وحقبته الديمقراطية التي امتدت لثماني سنوات منصرمة.ولعل هذا القرار الصادم المبكر أتاح الفرصة لمجموعة من الحقائق والدروس أن تَمْثل سريعاً أيضاً أمام الجميع، وهي:
* إن شعوب الدول الفاشلة هي الضحايا المباشرة لغباء وتخلف سياسات حكوماتها ونخبها الفكرية المرتبكة وأنظمة تعليمها الفقيرة وأوضاعها المعيشية البائسة التي تدفعها للهجرة والفرار إلى نعيم الغرب.* تفريخ الإرهابيين وتوليد الروح العدائية والإقصائية تجاه الآخر، التي زرعها ولا يزال يزرعها الفكر المتشدد، دينياً أو قومياً أو عرقياً، بعقول الناس، لا يمكن إلا أن تصطدم برد فعل معاكس لدى الآخرين، حماية لأنفسهم وبلدانهم التي تنتج حكومات، بل وحكاماً من طراز دونالد ترامب، ليرأسوا الدول الأعظم في العالم والأكثر قدرة على المواجهة التي لا تعتمد على السيف والخنجر والحزام الناسف، بل على العقل والحجة والتفوق العلمي والسياسي والاقتصادي والعسكري.* انكشاف الدول الفاشلة السهل أمام أي قرار تتخذه الدول العظمى، وخاصة الولايات المتحدة، حيث يتبين مقدار اللاحول واللاقوة لديها، إلا القدرة على الصراخ والعويل أمام عنجهية الدول القادرة بقوتها الشاملة على مواجهة أي صراع يفرض عليها. * أفصحت ردات فعل الغرب ضد الجور الترامبي في قراراته الأخيرة، وخاصة التظاهرات والتحركات الشعبية والحقوقية داخل أميركا وخارجها، عن مقدار التصاق دول العالم المتحضر وإصرارها على قيم ومبادئ وثوابت الحرية والعدالة ونبذ الفرز العنصري والفئوي والديني ضد الأمم والشعوب الأخرى، ولعل أبلغ دروس هذا الجانب، إقالة وزيرة العدل الأميركية التي اختلفت مع قرار رئيسها، وكذلك تحريك النائب العام الأميركي لدعوى بطلان القرارات الرئاسية، نظراً لتعارضها مع قيم ومبادئ ونصوص الدستور الأميركي.* لافت لنا الصمت العربي إزاء القرارات الترامبية، أو الاعتراضات الخجولة عليها، إما خشية من نفور الكاوبوي الأميركي والبطش بمن يعترض من أمة العرب، التي يزدريها أصلاً، أو لأن ممارس الشيء لا يعترض على مثله، حيث أوصدت غالبية الدول العربية الأبواب أمام دخول ذات الجنسيات المحظورة أميركياً، وإن كانت قراراتها طبقت بصمت، ولم تفرق فيها بين مسلم أو غير مسلم.* ربما يؤدي هذا القرار الأميركي الأهوج والصادم إلى توسعة دوائر أعمال الجماعات الإرهابية العربية والإسلامية من الحروب البينية، وتكسير الفخار للفخار، إلى استهداف العالم الغربي، من خلال حروب مفتوحة تخلط الأوراق وتضع جميع العرب والمسلمين في خانة أعداء الغرب، فتتسع دوائر الضحايا من الشعوب المغلوب على أمرها. والله يستر من القادم.***أستأذنكم باستراحة فبرايرية لأعود بعدها معكم في مارس، بإذن الله، وكل عام وأنتم والكويت بخير، بمناسبة أعيادنا الوطنية.