الروس... لا شيء تغير!
خلافاً لما ساد في أجواء اجتماع "أستانة" وبعده بقليل، فقد اتضح أن الروس لم يغيروا شيئاً جوهرياً في موقفهم من الأزمة السورية، حتى وقف إطلاق النار، الذي هُمْ "كفلاء" جانب منه، لم يُطبَّق إطلاقاً، كما أن نظام بشار الأسد، بمشاركة إيرانية معلنة وواضحة، واصل عمليات التهجير والتغيير "الديموغرافي"، والبرهان على ذلك هو اقتلاع أهل وادي بردى من منازلهم وشحنهم تحت فوهات المدافع وصوت الرصاص إلى منطقة إدلب، التي غدت مستودعاً بشرياً لمناهضي هذا النظام، يُنتظر أن يأتيه الدور للتهجير إلى خارج الحدود.وقد بادرت روسيا، بعد اجتماع المعارضة "المدجنة" الأخير في موسكو، إلى السعي لتغيير موعد اجتماع جنيف، الذي كان من المفترض أن ينعقد في الثامن من فبراير الجاري، ودفعه بعيداً حتى نهايات هذا الشهر، واتضح من خلال تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لا تريد هذا الاجتماع على الإطلاق، وأنها لا تريد أيضاً المرحلة الانتقالية المقررة في "جنيف 1"، ولا تريد أيضاً أيَّ حلٍّ لا يبقي على الأسد حتى على المدى البعيد.
إنها لعبة غدت واضحة ولا تحتاج إلى براهين ولا إلى أدلة، فالروس يسعون الآن إلى استغلال انشغال دونالد ترمب بألاعيبه البهلوانية، كما كانوا قد استغلوا رداءة وميوعة باراك أوباما وإدارته لإيصال الأزمة السورية إلى ما وصلت إليه من تعقيدات سياسية، ومن تدخلات خارجية أبشعها وأخطرها، بالإضافة إلى التدخل الروسي السافر، الذي أصبح بمثابة احتلال واضح لسورية لا لبس فيه، التدخل الإيراني الذي رافقته تغييرات "ديموغرافية" على الأرض، تعني أن الإيرانيين باقون في هذا البلد العربي إلى الأبد.إن الروس الآن يسعون، بكل جدية، إلى شطب المعارضة السورية الفعلية، واستبدالها بالمعارضة "المدجنة" التي التقى بعض رموزها مؤخراً في موسكو، وهم، أي الروس، يسعون أيضاً إلى صب زيت الفتنة على نيران الاقتتال المحتدم بين فصائل المعارضة، على أساس أن النار تأكل بعضها إنْ لم تجد ما تأكله، إضافة إلى مواصلة سيرغي لافروف عملية وضع العصيِّ في دواليب الحلول السياسية المتفق عليها، وأولها حل "جنيف 1" الذي من المفترض أنه تكرس في اجتماع "أستانة" الآنف الذكر.كما أن تعاطي موسكو مع موضوع "المناطق الآمنة" يؤكد أن الروس لم يغيروا ولم يتغيروا بالنسبة لـ"الأزمة السورية"، ولو بمقدار قيد أنملة، كما يقال، وأنهم مازالوا يسعون ويواصلون السعي من أجل مجرد حلٍّ تجميلي بتشكيل حكومة موسعة في دمشق فيها بعض قطع المعارضة "المدجنة" الفسيفسائية التجميلية، بينما يبقى هذا النظام، الذي ولغ في دماء السوريين حتى الثمالة، على ما هو عليه، وبرئيسه بشار الأسد، هذا ما غيره!