يبدو أن المواجهات بين الحكومة ومجلس الأمة الحالي ستكون كثيرة وملتهبة، ولعل جلسة استجواب وزير الشباب والإعلام التي شهدنا وقائعها الأسبوع الماضي خير دليل على ذلك، حيث إنها تمثل جرس إنذار لكل المسؤولين المتقاعسين، الذين لا يحركون ساكناً في مواجهة ومحاربة الفساد المستشري في وزاراتهم وإداراتهم، بل إن أيديهم ملوثة بهذا الفساد من خلال تصديقهم على التعيينات بالمحسوبية وظلم الكوادر الوطنية وتهميشها مقابل الاستعانة بالوافدين برواتب فلكية، إلى جانب ابتكارهم طرقاً وأساليب لسرقة المال العام أو إهداره على الأقل.

ورغم ما يقال عن أن هناك أيادي خفية تقف وراء هذا الاستجواب وتضارب مصالح المستجوبين وأنهم لا يهدفون إلى الصالح العام بقدر ما يسعون إلى إسقاط الوزير والانتقام منه، فإن هناك حقائق وأدلة تم الكشف عنها دفعت عدداً كبيراً من النواب إلى تأييد طرح الثقة بالوزير، أهمها من وجهة نظري ملف الفساد المالي والإداري بوزارة الإعلام قبل إيقاف النشاط الرياضي، حيث لعب مقدمو الاستجواب على هذا الوتر جيداً، ووجد هذا أرضية خصبة لدى المواطنين، حيث إن رائحة الفساد والتنفيع للأقارب تزكم أنوفهم ويلمسون ذلك في كل الوزارات والهيئات التي يعملون بها، ففي الوقت الذي يتم فيه ظلم الكفاءات الوطنية تتم الاستعانة بمن هم أقل كفاءة لتقلد مناصب كبيرة وتحت مسميات كثيرة وبطرق ملتوية.

Ad

والملاحظ من خلال هذا الاستجواب أن الحكومة لم تكن لديها قراءة جيدة لما ستؤول إليه النتائج ولم تكن تتوقع أن تصل الأمور إلى طرح الثقة بالوزير وإحراجه ودفعه إلى تقديم الاستقالة، ويبدو أنها كانت تعول على عدد من النواب للوقوف في صفها، ولكن هذا لم يحدث، حيث إن محاور الاستجواب لمست قضية إيقاف الرياضة التي لها مفعول السحر على الشعوب، وخصوصاً الشباب، ورأينا بأعيننا كيف تستطيع الانتصارات الرياضية أن تفرح الناس إضافة إلى قضية الفساد المالي والإداري التي استفزت النواب والمواطنين، فضلاً عن أن تاريخ الاستجوابات المقدم لهذه الوزارة منذ انطلاق الحياة البرلمانية في الكويت يثبت أن الحكومة «منحوسة»، حيث تم تقديم 5 استجوابات من قبل لوزراء الإعلام تعلقت بتجاوزات ومخالفات والتعدي والتطاول على الحريات وانتهت بالإطاحة بحكومتين وإقالة وزيرين.

وهناك نقطة أخرى أود التطرق لها تتعلق بنواب مجلس الأمة فليس من الحكمة أو السياسة أن يعلن النواب الذين يمثلون الشعب مواقفهم في قضايا مصيرية عبر مواقع التواصل رغم أن الفرصة كانت سانحة لهم للتعبير عن آرائهم خلال جلسة الاستجواب، وكان بالأحرى أن يكون لهؤلاء رؤية ورأي محدد واضح، لا أن ينتظروا حتى اللحظات الأخيرة لإعلان تأييدهم لطرح الثقة بالوزير، فأصحاب القضايا العادلة تكون لديهم قناعات صلبة ويتخذون مواقف واضحة وحاسمة دون أن تكون لديهم حسابات أو مساومات، وكذلك أتمنى من النواب ألا يكون هدفهم من الاستجوابات مجرد دغدغة مشاعر، بل عليهم أن يقدموا ما لديهم من أدلة إلى النيابة العامة لمحاسبة المسؤولين المقصرين، لا عزلهم من مناصبهم فقط.