في السابع عشر من يناير 2017، وفي اليوم ذاته الذي دافع فيه الرئيس الصيني زي جنبنغ عن العولمة في المنتدى الاقتصادي الدولي في مدينة دافوس، وقع رئيس وزراء الصين لي كيكيانغ وثيقة صادرة عن مجلس الدولة في ذلك البلد تتضمن خطة العمل الرامية إلى جعل الصين، ثاني اقتصاد في العالم، قوة فاعلة.

وفي وسعنا إطلاق تسمية سياسة الباب المفتوح الصينية الجديدة على تلك الخطة.

Ad

ولا تنطوي هذه التسمية على كثير من الاندفاع مقارنة بالاسم الرسمي:

"بعض الإجراءات اللازمة لتعزيز انفتاح الصين واستخدام رسملة الاستثمارات الأجنبية بقوة".

وتجدر الإشارة إلى أن الفكرة أشبه بعقار مسكن "استخدام الرسملة الأجنبية عنصر مهم في سياستنا الأساسية من الانفتاح ونموذجها الاقتصادي المفتوح".

كما أن الوصفة ليست جديدة "نقل الانفتاح خطوة أخرى وتمهيد ملعب المنافسة والعمل بجهد من أجل اجتذاب رأس المال الأجنبي"، ولكن كدليل على كيفية تغيير اقتصاد الصين لمساره، إليكم هذه العبارة من الوثيقة:

" نحن – الصين – يجب أن نرتقي إلى مستوى جديد من الانفتاح عبر استخدام مبدأ التخطيط التأشيري للتنمية".

يقول مجلس الدولة، إنه يريد أن تعمل الصين على تحديث قاعدة الرسملة وتعزيز الابتكار وتطوير مواهب قوتها العاملة. وبغية القيام بذلك سوف تحتاج الصين إلى الاستثمارات والمعرفة الأجنبية.

كانت الصين في الماضي قد فتحت أبوابها جزئياً من أجل حماية اللاعبين المحليين في قطاعات هشة أو ذات حساسية سياسية. وتطلب مذكرة مجلس الدولة تخفيف القيود على دخول أنواع معينة من الشركات الأجنبية في صناعات رئيسية. ومن خلال القراءة ما بين السطور يتبين لنا أن أولئك اللاعبين المحليين الهشين، لا يعملون بسرعة كافية لتوفير الرافعة التي يحتاجها الاقتصاد.

وسوف تسمح الصين بدخول مؤسسات مالية تشبه البنوك بقدر أكبر وشركات أمن واستثمارات أمن ومديري صناديق استثمار وشركات تأمين وسمسرة ومحاسبين ومدققين وتصميم هندسي وخدمات تصنيف. وتشمل القطاعات الأخرى قطاعات الخدمات سريعة النمو في الصين مثل الاتصالات والإنترنت والثقافة والتعليم والنقل، كما تضم القائمة التصنيع والصناعات الأساسية بما فيها صناعة التعدين.

وفي السنوات الأخيرة استوعبت هذه القطاعات قدراً كبيراً من "القروض الموثقة entrusted loans"، وهي قروض تمولها شركات تفتقر إلى الخبرة في العمل الائتماني، وتسعى إلى توظيف سيولتها النقدية الراكدة بغية تحقيق عوائد أعلى.

ويشكل الإقراض الموثق الذي بلغ نحو 1.8 تريليون دولار (12.06 تريليون رمبيني) في شهر يونيو من عام 2016 نسبة كبيرة من سوق بنوك الظل shadow bank market في الصين.

وتحظى القروض من البنوك المملوكة للدولة إلى قطاع التعدين بضمان مادي ملموس ذي درجة أمان عالية، كذلك هو الحال مع القروض الموثقة لهذا القطاع.

ويبدو أن الهدف من وراء الإصلاحات الجديدة وقف عملية الدوران في الحلقة المفرغة من عمليات تمويل المشاريع المتعثرة، عن طريق جلب استثمارات استراتيجية أجنبية.

ولا تهدف الصين من وراء ذلك إلى الحصول على السيولة النقدية فحسب بل على الخبرة والمعرفة أيضاً.

وتناقش وثيقة الإصلاح السالفة الذكر أيضاً الحاجة إلى موارد رسملة مخصصة للساحل الشرقي الثري للصين من أجل إعادة توزيعها على المناطق الفقيرة في الشمال الشرقي والوسط والجانب الغربي.

وتنقل الوثيقة قانون مكافحة الاحتكار لسنة 2008 خطوة أخرى إلى الأمام من خلال طلب آليات يتم تبنيها لضمان العدالة: تفعيل التدقيق ووضع مقاييس متطابقة والحرص على تنفيذ شفاف للمشاريع الممولة من الخارج وأيضاً المحلية وتقوية آليات الحماية، بما في ذلك فتح مراكز تحكيم ووساطة.

الدعوة إلى الإصلاحات المقترحة تؤثر بالتأكيد على معظم القضايا الساخنة في الغرب إزاء التعامل غير المنصف في الصين، لكن هل هي مجرد حالة نفسية؟ لا أظن ذلك. ولثلاثة أسباب: الأول هو أن الوثيقة المعلنة لم تكتب للقراء الأجانب. وهي مكتوبة باللغة الصينية فقط ، وموجهة إلى مكاتب حكومية محددة مسؤولة عن التنفيذ. والثاني هو أن الأمر تصادف مع خطاب الرئيس زي في دافوس، ولكن الرواية الخلفية تتمثل في استمرار الجدل حول ما إذا كانت الصين مستعدة للاضطلاع بدور قيادي على المسرح العالمي – وقد برزت هذه النقطة بجلاء في الوثيقة.

"يندمج الاقتصاد الصيني بشكل أعمق في الاقتصاد الدولي، وتدخل التنمية الاقتصادية مرحلة جديدة. ومن خلال استقدام رأس المال الأجنبي فإننا نواجه وضعاً جديداً ومسؤوليات وتحديات جديدة".

في المحصلة، سوف تعتمد نتائج تطبيق الوثيقة في نهاية المطاف على خيارات النمو الأخرى، التي سوف تتوافر للصين – كما تعتمد على ما تشتمل عليه خيارات الاستثمارات الأخرى لرأس المال الأجنبي.