«هاشتاق»... يحدد قرار نائب!
فَتحت جلسة مناقشة استجواب وزير الإعلام وزير الشباب، الشيخ سلمان الحمود، وما نتج عنها من تقديم طلب طرح الثقة بالوزير، صفحة جديدة في العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة ربما تكون حرجة، تضع الحكومة في موقف صعب يجعل وزراءها كافة على المحك، وربما يدفعها إلى تعديل وزاري كبير إن لم تستطع يوم الأربعاء المقبل أن تعبر بالوزير إلى بر الأمان، وهو الأمر شبه المستحيل، نظراً للمواقف التي أعلنها النواب عبر بيانات صحافية، ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة لطرح الثقة بالوزير.مناقشة المحاور الأولى من الاستجواب كانت تقليدية، ومن دون أثر فاعل حتى مع حماسة النائب عبدالوهاب البابطين والفترة الطويلة التي استغرقها في التمرين، والتي كانت واضحة في أدائه واستعارته لأسلوبَي النائبين السابقين مسلم البراك وخالد الطاحوس في الخطابة، وكذلك مرافعة النائب الحميدي السبيعي المكررة بترديد أسطوانة "حرمان الشباب الكويتي من ممارسة الرياضة والمشاركات الدولية"، وهو يعلم تماماً من هو المتسبب الحقيقي في ذلك، ولكن أعتقد أن النقطة الفارقة والمؤثرة في الاستجواب كانت في المحور المتعلق بمخالفات "الإعلام"، وهو ما دفع عدداً من النواب لتبني طرح الثقة بالوزير.
من الواضح أنه كانت هناك كوادر مجهزة لتنطلق بعد نهاية الاستجواب عبر وسائل التواصل الاجتماعي لإحراج النواب وخلق "هاشتاقات" على "تويتر" للضغط عليهم لإعلان مواقفهم على الفور، وهو أمر أصبح في الكويت فاعلاً لتوجيه النواب لعدة أسباب، أهمها ضعف المطالعة والثقافة العامة عند غالبية الجيل الحالي، وقصر تمثيل وسائل الإعلام عن تمثيل جميع شرائح المجتمع، وانحصار الثقافة العامة في القراءة بوسائل التواصل الإلكترونية، بل إن سياسيين ونواباً وفاعلين في المجتمع الكويتي يأخذون ثقافتهم العامة ومعلوماتهم من العالم الافتراضي، ولا يطلعون على التقارير والمقالات التحليلية والسياسية الجادة في الصحف والدوريات العلمية.بينما يعجز عن ذلك العالم الافتراضي، ومنه "تويتر"، عن أن يقوم بنفس الدور في أوروبا وكندا واليابان والولايات المتحدة وأغلب دول العالم الأول، لوجود مؤسسات صحافية وإعلامية راسخة ومؤثرة، ومن يقل غير ذلك فهو غير مطلع، فمثلاً الرئيس دونالد ترامب أيدته وساندته في حملته الانتخابية مئات الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون المحلية اليمينية والمحافظة في البلدات والمدن الصغيرة المؤثرة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية.ومهما كان قرار النواب في قضية طرح الثقة بالوزير الحمود، فإنه كان من المعيب أن يستجيب بعضهم لضغوط "تويتر" التي كانت تمثل عالماً افتراضياً وليس حقيقياً لا يعرف من يحركه وحقيقة شخوصه التي تختفي خلف "مفاتيح البورد" بأسماء حقيقية ووهمية لتوجيه الجموع، وخاصة أن النائب أو صاحب القرار الحاسم والمؤثر في الشأن العام يجب أن يبتعد عند حسمه لقرار ما عن تلك الوسائل الافتراضية، ويكتفي بمسح سريع لها دون انغماس تام فيها، ولكن، مع الأسف، فإن نوابنا انغمسوا في ذلك العالم الافتراضي، ما جعل بعضهم يعلنون مواقفهم تجاه طرح الثقة في الساعة الرابعة والخامسة فجراً، عقب جلسة الاستجواب.