أفاد تقرير "الشال" بأن شهر يناير كان استثنائياً، بلغت فيه قيمة تداولات البورصة -سيولتها- نحو 1.185 مليار دينار، أي 3.7 أضعاف قيمة تداولات شهر ديسمبر الفائت، ونحو 41.3 في المئة من مجمل قيمة التداول لكامل عام 2016.

وفي التفاصيل، بلغ معدل قيمة التداول اليومي لشهر يناير نحو 53.9 مليون دينار، أو نحو 4.6 أضعاف معدل قيمة التداول اليومي لعام 2016، ونحو 3.4 أضعاف معدل قيمة التداول اليومي لعام 2015، وذلك المستوى المرتفع من السيولة، أمر لم تشهده بورصة الكويت منذ عام 2009.

Ad

وارتفاع سيولة شهر يناير يعد أمراً مستحقاً، لأن البورصة الكويتية عانت سواد جرعة هلع ليست كلها مبررة، ولفترة طويلة بدءاً من أزمة العالم المالية في خريف عام 2008، وبحلول منتصف العام الفائت، أصبحت أسعار 90 في المئة من الشركات المدرجة تباع دون قيمتها الدفترية، ونحو 45 في المئة منها دون قيمتها الدفترية بخصم تراوح ما بين 50-90 في المئة.

لكن تاريخ البورصة الكويتية فيه الكثير من الانحراف باتجاه المغامرة، أو اختطاف متعاملين لاتجاه سيولة السوق نحو جرعات زائدة من المضاربة الضارة، وعلى عدد محدود من الشركات، بغرض رفع أسعارها بشكل مبالغ فيه، وعلى مدى زمني قصير، ثم التخلص منها، بعد تحويل ملكيتها إلى ضحايا جدد، لذلك كان من الضروري متابعة توجهات السيولة في شهر شديد النشاط، واستكمالاً لتقريرنا السابق، نتابع توجهات تلك السيولة على أربع فئات مدرجة كالتالي:

* 10 في المئة الأعلى سيولة: وعددها 18 شركة مدرجة، وكانت خلاصتها استحواذها في شهر يناير على 51.1 في المئة من سيولة البورصة بينما ساهمت بنحو 44.5 في المئة من القيمة السوقية لكل الشركات المدرجة، ضمنها 11 شركة كبيرة -بقيمة سوقية أعلى من 100 مليون دينار- تساهم بنحو 43.5 في المئة من قيمة السوق وكان نصيبها 73 في المئة من سيولة تلك الفئة، وذلك فيه منطق، و7 شركات صغيرة استحوذت على 27 في المئة من سيولة تلك الفئة، ولم تتعد قيمتها السوقية 1 في المئة من قيمة كل شركات البورصة، وهو مؤشر مضاربة ضارة.

* 10 في المئة الأعلى قيمة سوقية: واستحوذت تلك الفئة على 31.4 في المئة من سيولة البورصة، وساهمت بنحو 70.4 في المئة من قيمتها السوقية، لكن، ضمنها كان انحراف السيولة بائن لـ 9 شركات، حظيت بنحو 89.2 في المئة من سيولة تلك الفئة، تاركة نحو 10.8 في المئة من سيولة الفئة لـ 9 شركات كبيرة أخرى.

* 10 في المئة الأدنى قيمة سوقية: واستحوذت على 2.1 في المئة من سيولة السوق، رغم أن مساهمتها في قيمته لا تتعدى 0.3 في المئة، وضمنها حازت 5 شركات على 98.4 في المئة من سيولة تلك الفئة، بينما لم تحظ 13 شركة صغيرة أخرى سوى على 1.6 في المئة من سيولة الفئة، ذلك الانحراف في السيولة ضمن الفئة، يوحي بارتفاع شديد لجرعة المضاربة على بعض شركاتها.

* سيولة قطاعات البورصة: في البورصة 5 قطاعات نشيطة، تساهم بنحو 87.1 في المئة من قيمتها وحازت 90.3 في المئة من سيولة شهر يناير، بما يوحي بتناسق بين السيولة وثقل تلك القطاعات من قيمة البورصة.

لكن ضمن تلك القطاعات كان هناك انحراف في توجهات السيولة، فقطاع الخدمات المالية حاز 28.6 في المئة من سيولة البورصة، بما يعادل نحو 2.8 ضعف مساهمته في قيمتها، والقطاع العقاري حاز 20.2 في المئة من سيولة البورصة وبما يعادل 2.4 ضعف مساهمته في قيمتها، فهما قطاعا مضاربة.

بينما حاز قطاع البنوك 20.1 في المئة من سيولة البورصة، بما يوازي 42.7 في المئة فقط من مساهمته في قيمتها، وقطاع البنوك الأكثر انضباطاً وملاءة والأكثر استفادة من ارتفاع أسعار الأصول.

أما بقية القطاعات التسعة، سائلة وغير سائلة، كلها حازت من السيولة نسباً مقاربة لمساهمتها في قيمة البورصة.

وفي الخلاصة، هناك أمران نعتقد بضرورة مراقبتهما، الأول، هو ضرورة توخي الحذر من قبل المتعامل وعدم الانجراف إلى التعامل في البورصة عندما ترتفع جرعة المضاربة الضارة وغير المبررة، أي عندما يميل إتجاه كل المؤشرات -وخصوصاً السعري- ومعظم أسعار الأسهم إلى السير في اتجاه واحد إلى الأعلى.

والآخر، خاص بالجهات المنظمة، فحصيلة توجهات سيولة شهر يناير الزائدة، مازالت لم تطل 50 في المئة من الشركات المدرجة، التي كان نصيبها من تلك السيولة نحو 2.8 في المئة فقط، وضمنها 50 شركة حظيت بنحو 0.1 في المئة فقط من تلك السيولة، و10 شركات من دون أي تداول، وتلك حالة مَرضية، لابد من وجود حلول لها.