استمر الأسبوع الثاني للرئيس الجديد على نفس الوتيرة الملتهبة، مع محاولة الإدارة الجديدة خفض الدولار، بإلقاء اللوم على المذنبين المعتادين.

وكان دور السياسيين الألمان هذه المرة ليأخذوا حذرهم، بعد أن اتهمهم رئيس مجلس التجارة الوطني في البيت الأبيض، بيتر نافارو، باستخدامهم اليورو «مقوما بأقل من قيمته بشكل كبير»، من أجل «استغلال» أميركا والأعضاء الآخرين في الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن اليورو كان مثل «مارك ألماني ضمني» استفادت ألمانيا من قيمته المنخفضة على حساب شركائها التجاريين، مشيرا إلى أن ألمانيا هي إحدى العقبات الأساسية أمام اتفاق تجاري بين أميركا وأوروبا.

Ad

وردَّت ألمانيا على الفور برفض هذا الانتقاد، وأفادت بأنها «لن تمارس أي تأثير على البنك المركزي الأوروبي»، حيث إنها «تسعى للتجارة في السوق العالمية بمنتجات تنافسية في تجارة عادلة مع الآخرين كافة».

وعلى صعيد الاقتصاد، وحيث لم يشكل الاجتماع الأول للمجلس الفدرالي في 2017 حدثا ذا أهمية، وفق ما ذكر تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، تحول اهتمام الأسواق سريعا نحو خطاب حال الاتحاد الأول للرئيس ترامب يوم 28 فبراير، لتبين ما قد يأتي بعد ذلك، ومن سيكون الضحية التالية، وقد جاءت تفاصيل التقرير كالتالي:

بما أن الاجتماع الثاني لمجلس الاتحاد الفدرالي لسنة 2017 سينعقد بعد ذلك بأسبوعين، سيكون هناك عدم يقين كبير بالنسبة للسياسة المالية تحت الإدارة الجديدة. لذلك، سيفضل المجلس الفدرالي على الأرجح أن يبقى في وضعية انتظار، ولن يرفع أسعار الفائدة، حتى يتوافر المزيد من الوضوح حيال التحفيز المالي المحتمل لترامب.

وفي حال كانت البيانات الاقتصادية مخيبة للآمال، فلن يكون هناك رفع في مارس أو حتى في الاجتماع الذي لن يعقبه مؤتمر صحافي في مايو، وقد يضر ذلك بالدولار دون الحاجة إلى قيام ترامب بالمزيد من الشكوى.

تقرير التضخم

وكان الخبر الرئيسي هذا الأسبوع في الناحية الأخرى من المحيط، هو تقرير التضخم ربع السنوي لبنك إنكلترا، والقرار الأخير للجنة السياسة النقدية. وكما كان متوقعا، أبقى بنك إنكلترا سياسته على حالها بالإجماع، فيما أبقى على تقييم حيادي مستقبلا بالنسبة لأسعار الفائدة. وبقيت توقعات التضخم للسنوات المقبلة على حالها لسنة 2017، لكن انخفضت لسنتي 2018 و2019.

ووفق التقرير، سترتفع مخاطر الاستهلاك الشخصي في المدى الطويل، في حين سيرتفع إنفاق المستهلك البريطاني على الأرجح أكثر من النمو المتوقع في أرباع السنة القادمة.

ومن ناحية الصرف الأجنبي، أنهى الدولار الأسبوع دون تغيير نسبيا، حيث إن اجتماع المجلس الفدرالي في يناير لم يشكل حدثا ذا أهمية.

وبدأ اليورو الأسبوع عند 1.0683 وبلغ 1.0829 على خلفية البيانات الإيجابية لمنطقة اليورو. ورغم أن التصحيح الأخير للدولار يمكن تفسيره بشكل كبير بأنه نتيجة تراجع العوائد الأميركية، فإن الأنباء بأن المرشح الرئاسي الفرنسي فرانسوا فيون يواجه ادعاءات، بأن زوجته وأبناءه تلقوا أموالا عامة مقابل وظائف لم يقوموا بها تستمر بالإضرار بحملته، وأعطت خصمه لو بن هامشا في استطلاعات الرأي. وتراجع اليورو قليلا بسبب هذه الأنباء، لكنه أنهى الأسبوع قريبا من أعلى مستوياته عند 1.0787 رغم تقارير الوظائف الإيجابية من خارج أميركا.

وبدأ الجنيه الإسترليني الأسبوع قويا عند مستوى 1.25 تقريبا، وبلغ أعلى مستوى له عند 1.2706، على خلفية المزاج الإيجابي للمستثمرين حيال أول زيارة لأميركا قامت بها رئيسة وزراء بريطانيا، واحتمال حصول أول اتفاق تجاري مع نظيره الأميركي. وارتفع الجنيه، بسبب إشارة بعض أعضاء لجنة السياسة النقدية إلى تنامي القلق حيال التضخم، لكن الجنيه تراجع بعد ذلك بشكل أكثر حدة، إذ إن النص أوضح أن بنك إنكلترا كان أكثر قلقا حيال التأثير السلبي لارتفاع أسعار الواردات على دخل العائلات، وتأثيره المحتمل على توقعات التضخم. وأنهى الجنيه الأسبوع عند 1.2485.

واستمر التداول بالين هذا الأسبوع على خلفية تصحيح الدولار. فبعد أن بدأ الأسبوع عند مستوى 113 تقريبا، أنهاه عند 112.57.

ومن ناحية السلع، استمر التداول بالنفط في نطاق ضيق نسبيا أعلى بكثير من 50 دولارا للبرميل، وقريبا من أعلى مستوى له منذ 18 شهرا. وتم التداول بالذهب في نطاق ضيق، بدءا من أدنى مستوى له عند 1.190 وأنهى الأسبوع عند 1.220 دولار.

القليل من الأدلة

تمكن مجلس الاحتياط الفدرالي من تحقيق إنجازات مهمة هذا الأسبوع، إذ تمكن بالفعل من الإقرار بتحسن اقتصادي، وتفادي تدخل سياسي مع الإدارة الجديدة، وتقديم بعض الطروحات بالنسبة لرفع أسعار الفائدة في مارس.

وفي التفاصيل، رفع بيان اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح تقييماته بشكل طفيف بالنسبة للاقتصاد الحالي، لكنه لم يقدم تغييرات كبيرة للتوقعات الاقتصادية.

وعلى صعيد التوظيف، غيرت اللجنة بيانها قليلا، وقالت إن معدل التوظيف «بقي قريبا من المستوى المتدني الأخير». وبالمقارنة، قال المجلس الفدرالي في ديسمبر إن معدل البطالة «انخفض».

وتضمن البيان أيضا تغيرا مهما، وهو سطر أضيف لملاحظة أن قطاع الأعمال وثقة المستهلك تحسنا أخيرا. لكن الأعضاء لم يشعروا بأنهم مرغمون على القيام بتحرك في المدى القريب، ولم تكن هناك إشارات في البيان إلى تحرك محتمل في مارس.

وبالخلاصة، يستمر السوق بتوقع رفعين بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما هذه السنة، لكن الرسم البياني يظهر أن المجلس الفدرالي يبدو أكثر تفاؤلا، إذ إن الأعضاء ما زالوا ينظرون برفع لثلاث مرات هذه السنة. ويبدو أن تحركا محتملا في يونيو وسبتمبر وديسمبر هو أكثر احتمالا إذا ما تبلورت هذه التوقعات.