تملّك محلات التجزئة... فكر استثماري يفتقده السوق المحلي
• ينعش «العقاري» ويدفع بعودة الاستثمارات من الخارج ويخدم شريحة رؤوس الأموال الصغيرة
• ينهي تدريجياً ظاهرة «الخلوات» التي لا مستند قانونياً لها
يفتقد السوق المحلي وجود فرص استثمارية عقارية لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، التي تتراوح قيمتها بين 50 و 200 ألف دينار، ولا يوجد قطاع عقاري يناسب تلك الفئة إلا قطاع الشقق السكنية.
لا يزال السوق المحلي يشهد إقامة العديد من المعارض العقارية، التي تسوق وتروّج لتملك والاستثمار في القطاع العقاري خارج البلاد، حيث تتجاوز إعداد المعارض، التي تقام سنوياً أكثر من 15 معرضاً عقارياً.وهذا الرقم كبير جد إذا ما تمت مقارنته بحجم السوق المحلي وأيضاً بأعداد المعارض التي تقام بالأسواق الأخرى، حيث تؤكد الأرقام أن الكويت من أكثر الدول إقامة للمعارض العقارية على مستوى المنطقة والعالم.ويركز منظمو المعارض العقارية على السوق المحلي دون الأسواق الأخرى لأسباب عدة، أبرزها شح الفرص الاستثمارية في القطاع العقاري المحلي، وخصوصاً لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار العقارات مقارنة بالأسواق الأخرى.
وتشير البيانات إلى أن أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة هم الفئة الأكبر إقبالاً على المعارض العقارية، حيث تنعدم الفرص الاستثمارية في القطاع العقاري المحلي.ويبدو أن السوق العقاري سيشهد مرحلة جديدة خلال الفترات المقبلة، خصوصاً مع وجود توجه لدى بعض الشركات والمستثمرين لبناء المجمعات التجارية وبيع محال التجزئة بدلاً من تأجيرها على المستثمرين، حيث ستصبح هناك فرص استثمارية جيدة لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة.
شركات و«وثيقة»
وانتشرت في الآونة الأخيرة في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف المحلية، شركات تسوق لبيع لمحلات تجزئة في مجمعات تجارية بوثيقة معتمدة من الجهات المعنية، في منطقة خيران وتتراوح الأسعار من 50 الف دينار، للمحال، التي تبلغ مساحتها 30 متراً مربعاً، وتصل إلى 250 ألف دينار، للمحال، التي تتجاوز مساحتها 100 متر مربع.وتؤكد الشركات أنها حصلت على موافقات من قبل الجهات المعنية، وتم السماح لها ببيع المحال التجزئة في المجمعات التجارية الواقعة في منطقة صباح الأحمد، لكن التجارة استدعت تلك الشركات ودققت على بياناتها والموافقات، التي حصلت عليها من قبل بلدية الكويت.واشترطت التجارة على الشركات الحصول على موافقة من قبل إدارة التسجيل العقاري في وزارة العدل، وذلك لتفادي أي مشكلات في المستقبل، فيما يخص تسجيل المحل وتوثيقه.وتشير الشركات المعلنة عن ذلك المشروع إلى أنه يمكن لملاك المحال التجارية، فتح أنشطة عديدة أو تأجيرها على أصحاب العلامات التجارية، ويدون النشاط في الوثيقة على حسب موقع المحل، مؤكدة أنه يمكن لملاك المحال التجارية تغيير النشاط التجاري بعد مرور وقت من الزمن عن طريق وزارة التجارة.ويفتقد السوق المحلي إلى وجود فرص استثمارية عقارية لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة، التي تتراوح قيمتها بين 50 و200 ألف دينار، ولا يوجد قطاع عقاري يناسب تلك الفئة إلا قطاع الشقق السكنية.ضوابط «التمليك»
لكن قطاع شقق التمليك في الكويت يفتقر إلى الضوابط، ويعاني العديد من المشكلات، منها عدم وجود اتحاد لملاك الشقق، الذي يعمل على تنظيم العلاقة بين ملاك الشقق في العقار الواحد، ويلزمهم برسوم سنوياً وصيانة العقار والخدمات المرافقة لها، مما سيجعل هناك اهتمام أكبر بالعقار وخدماته، هذا فضلاً عن ارتفاع أسعار الشقق ووصولها إلى أرقام خيالية.ومجمل تلك الأسباب أفضت إلى عزوف واضح من قبل المستثمرين عن الاستثمار في هذا القطاع، والاتجاه إلى الاستثمار في الخارج، حيث القوانين هناك أكثر تنظيماً ومرونة، هذا فضلاً عن أن الأسعار أرخص بكثير مقارنة بالسوق المحلي، على الرغم من أن العوائد في الخارج أقل من عوائد السوق المحلي.بالتالي أصبح لزاماً على الجهات المعنية تعديل وإقرار القوانين الكفيلة بعودة رؤوس الأموال المحلية، التي هاجرت إلى الخارج، وجذب الأجنبية، حيث إن شريحة صغار رؤوس الأموال تعتبر الأكبر، ومن خلالهم يمكن أن ينتعش السوق العقاري المحلي، الذي يعاني منذ سنوات الركود والجمود وانخفاض التداولات.ويمكن توفير الفرص الاستثمارية في القطاع العقاري لأصحاب رؤوس الأموال الصغيرة عن طريق السماح لهم بتملك محال بيع التجزئة في المجمعات التجارية، حيث سيصبح هذا القطاع أكثر رواجاً وإقبالاً من قبل المستثمرين.ولا شك أن السماح بتملك المحال التجارية بدلاً من تأجيرها سينعش أيضاً الشركات العاملة في السوق العقاري، حيث إنها ستحقق عوائد مجزية خلال فترة وجيزة، فضلاً عن توفير فرص ادخارية للمواطنين، حيث يمكن للمواطن امتلاك المحل، ثم تأجيره لأحد المستثمرين.ولا تعتبر فكرة تملك المحلات التجارية في الكويت حديثة، حيث يشير عدد من العقاريين إلى تطبيقها في سبعينيات القرن الماضي، حيث سمحت الحكومة بتملك المحال في ما يسمى "بلوكات" المباركية، إذ إن السماح بتملك المحال في منطقة صباح الأحمد البحرية من شأنه أن ينعش تلك المنطقة والمناطق القريبة منه.تجارب الدول
وهناك العديد من الدول الخليجية قامت بتطبيق مثل ذلك الاستثمار، بل أتاحت المجال للمستثمر الأجنبي تملك محلات التجزئة، حيث قامت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية، بدراسة لفتح المجال أمام الشركات الأجنبية العاملة في تجارة التجزئة والجملة بالعمل في المملكة بملكية 100 في المئة.ومثل تلك القرارات بالتأكيد ستعود إيجاباً على المستثمر المحلي، وستستقطب المستثمر الأجنبي وتشجيعهما على تصنيع منتجاتهما في الدولة وبيعها بطريقة مباشرة للمستهلك واستفادته من خدمة ما بعد البيع، بالتالي سيزيد من التنافسية وفتح فرص جيدة للشباب.وأيضاً هناك العديد من تجارب الدول، التي سبقت الكويت بهذا المجال، حيث إن تملك محلات التجزئة أصبح أكثر سهولة، فهناك العديد من الدول تسمح ببيع المحال التجارية عن طريق التقسيط، وهذا يعتبر أفضل للمستثمر من دفع الإيجارات.«ظاهرة الخلوات»
والسماح ببيع محلات التجزئة في المجمعات التجارية، له العديد من الإيجابيات، فهو يعمل على إنهاء ظاهرة "الخلو" التي لا مستند قانونياً، لها، والتي عادت لتغزو السوق المحلي من جديدة بأرقام فلكية حيث وصل "خلو" مطعم يقع على الواجهة البحرية لشارع الخليج العربي الى مبلغ وقدره مليون دينار، كذلك وصل خلو محل في أحد المجمعات الشهيرة في منطقة السالمية إلى 650 ألف دينار، وغيرهما الكثير، وذلك على الرغم من ارتفاع إيجارات تلك المحلات.وأكد عدد من العقاريين أن السماح بتملك محلات التجزئة في المجمعات التجارية، سينعش السوق المحلي، لكن يجب على الدولة قبل السماح بضرورة إقرار قانون اتحاد ملاك المحال التجارية، وذلك لتجنب أي مشاكل والحفاظ على المجمع وعلى الخدمات التابعة له.