في خطوة اعتبرها مراقبون انتقاماً من قيادات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أحال وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان الحمود الأمين العام للمجلس الوطني علي اليوحة، والأمينين المساعدين محمد العسعوسي وبدر الدويش إلى التحقيق مع إيقافهم عن العمل ثلاثة أشهر، على خلفية ما ورد في استجوابه.

قرار الحمود كان محل اعتراض وانتقاد نيابي وسياسي وثقافي، إذ رفضه النائب راكان النصف، محذراً من أن يكون مقابل تسوية مع بعض الأطراف النيابية بشأن التصويت على طلب طرح الثقة.

Ad

وصرح النصف بأنه «لن يقبل أن يكون قياديو المجلس الوطني للثقافة كبش فداء لاستجواب الحمود»، مؤكداً أنه سيوجه أسئلة برلمانية عن أسباب هذا القرار، وعلى الوزير الاستعداد لمواجهة مبكرة.

ولفت إلى أن «الوطني للثقافة» بقيادة اليوحة أعاد إلى الكويت هويتها المفقودة في احتضان الأنشطة الثقافية العالمية وإحياء الفنون التي كانت ضحية ممارسات التيار الديني المتطرف بالتواطؤ مع الحكومات.

وشدد على أن ممارسات الوزير الحمود في أيامه الأخيرة، بعد إعلان أكثر من 30 نائباً طرح الثقة به، تشير إلى وجود صفقة يحاك لها من الخلف وسيكون قياديو المجلس الوطني ضحيتها.

ودعا النصف النواب المستجوِبين ومَن أعلن دعمه طرح الثقة بالوزير إلى بيان موقفهم مما يتداول عن تسوية يتم فيها القبول بتدوير الحمود مقابل إقصاء قيادات «الوطني للثقافة» وإيقاف أنشطته.

وتابع: «ليست مسؤوليتنا أن هناك نواباً أعلنوا تأييدهم طرح الثقة والآن يبحثون عن تسويات ومخارج للقبول ببقاء الوزير بأي شكل من الأشكال»، مؤكداً أن بقاء الحمود وتدويره مشروع أزمة قادمة.

وفي تصريح مقتضب لـ«الجريدة»، أكدت النائبة صفاء الهاشم رفضها قرار الحمود إيقاف اليوحة، مشددة على أنه «قرار انتقامي».

من جهته، استغرب الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ القرار، لاسيما أن الحمود فقد ثقة مجلس الأمة مبكراً قبل دخوله جلسة التصويت.

وصرح الصايغ، أمس، بأن قرار الوزير في هذا التوقيت تحديداً لا يمكن أن يخرج عن احتمالين، أولهما وجود روح الانتقام من قياديي «الوطني للثقافة»، والآخر وجود صفقة يتم الإعداد لها مع بعض النواب للتراجع عن موقفهم من طرح الثقة.

وأشار إلى أن هذه الخطوة «محاولة يائسة لترضية بعض الأطراف التي لا تهتم أساساً بالدفاع عن الحريات الثقافية والفنون»، موضحاً أن قياديي المجلس الوطني أهداف سياسية دائمة للتيار الديني المتشدد المعادي للحريات الثقافية والفنية في الكويت.

ولفت إلى أن التطور الثقافي الذي شهدته البلاد خلال السنوات الأخيرة الماضية أصبح سلعة للمقايضة السياسية مع بعض النواب، وخاصة نواب الإسلام السياسي.

وشدد الصايغ على أن قرار الوزير الحمود يؤكد أنه معادٍ للحريات الثقافية بعد تكبيله الصحافة وملاحقته أصحاب الرأي رغم التقدم والإنجازات التي تحققت في عهد اليوحة وفريقه بالمجلس الوطني.

بدوره، استغرب الأديب إسماعيل فهد القرار، مبيناً أن «اليوحة رجل يده بيضاء، ويبذل جهوداً استثنائية لخدمة مكونات الثقافة الكويتية في مجالات الأدب والمسرح والتشكيل، ولا أحد يستطيع التشكيك في نزاهته».

ورفض فهد، في تصريح، الخضوع للصوت العالي والصراخ والتهديد بالاستجوابات، مطالباً بالتصدي لذلك بالعقل والحوار.

أما الروائي وليد الرجيب، فاعتبر إيقاف اليوحة والعسعوسي والدويش «صفقة سياسية مهينة عقَدها وزير الإعلام مع أعضاء مجلس الأمة ضد رجال عملوا بجد وإخلاص للثقافة والأدب والفنون على مدار أعوام»، مشيراً إلى أن «الفساد الذي يهدف الوزير إلى اجتثاثه موجود في وزارتي الإعلام والشباب، لا في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب».

وأكد الرجيب حاجة البلاد إلى «وزراء أكفاء لديهم القدرة على مواجهة الغلو والتشدد والتهديد بالاستجوابات من نواب مجلس الأمة»، مضيفاً في تصريح: «نحن نحتاج إلى وزير إعلام يستطيع الدفاع عن نفسه... نريد وزير إعلام بمكانة الراحل سعود الناصر الذي كان يقاتل قتال الفرسان ولا يعلق المشكلات على غيره، بل يتصدى بنفسه للدفاع عن رأيه بكل بسالة وجسارة».

وأعرب عن أسفه للطريقة التي تعامل بها الحمود مع المسؤولين عن الثقافة والفنون والآداب في الكويت.

من جهته، صرح الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي بأنه يأمل الفصل بين السياسة والثقافة، «لتعود الكويت إلى مكانها الطبيعي درة للحراك الثقافي العربي»، مؤكداً أن «المجلس الوطني علامة مضيئة في سماء الثقافة العربية، والقائمون عليه أفراد خدموا الكويت بكل أمانة وصدق وعطاء، ونحن نشكرهم على هذا الجهد المبذول».

وامتدح الرميضي عدداً من الفعاليات الثقافية التي نظمها المجلس الوطني خلال احتفالية الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية، «والتي نالت استحسان معظم فئات المجتمع الكويتي سواء من المثقفين أو من عامة الناس والمقيمين»، مشيراً إلى أن المجلس يقدم مطبوعات قيمة تساهم في إثراء المشهد الثقافي.