يحرص المجلس الوطني للثقافة والفنون الآداب على حفظ الإرث الإنساني والحضاري بمختلف أشكاله المادية والعضوية، للوصول إلى نتائج دقيقة ضمن عملية البحث الأثري، لذلك أبرمت العديد من الاتفاقات مع البعثات الاجنبية للتنقيب في الكويت، ومن أبرز هذه البعثات البعثة الإيطالية التي باشرت عملها قبل بضعة أعوام.ضمن هذا الإطار، أكد رئيس البعثة الإيطالية للتنقيب في جزيرة فيلكا د. أندريه ديميكالي، في تصريح خاص لـ«الجريدة»، أن عمل البعثة الإيطالية التي باشرت عملها في الكويت منذ عام 2010، يأتي تنفيذا لاتفاقية تعاون مشترك بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب وجامعة بيروجا الإيطالية حول البحث الأثري في جزيرة فيلكا، وكانت هذه العمليات تسير ضمن اتجاهين، الأول ينحصر في التنقيب والبحث عن المكتشفات الأثرية في الموقع، والآخر كان يهتم في الجانب الحضاري للموقع ومقارنة ما وصلت إليه الأبحاث الأثرية ضمن هذا الإطار، لافتا إلى أن البحث جرى بالتنسيق مع الفريق الكويتي للتنقيب لفهم تاريخ المنطقة، لاسيما أن الجزيرة كانت تقع على طريق التجارة القديم ولها أهمية استراتيجية من حيث الموقع الجغرافي، ووجد على سطحها وباطنها أدلة مادية ملموسة تعود إلى حضارة دلمون.
وعن نوعية الأعمال التي تقوم بها البعثة الإيطالية قال ديميكالي: «نجري دراسات معمقة على المنتجات المادية والعضوية المكتشفة في الموقع لإيجاد تسلسل زمني وإعادة قراءة التاريخ بشكل غير تقليدي وبصورة صحيحة، لاسيما أن هذه الفترة لم تكن موثقة تاريخياً».وحدد رئيس البعثة الموقع الذي شهد التنقيب، وهو القرينية، وقال: «اكتشفنا بعض المنازل بمحتوياتها وتكشفت لنا نوعية النشاط الإنساني، وبفضل هذه فتحنا 8 مجسات، وبالبحث فيها استطعنا استنتاج أن المكتشفات تعود إلى عصرين مختلفين: العصر الإسلامي المبكر، والعصر المتأخر، وتتضمن المكتشفات الأثرية 6 منازل قديمة لكل عصر 3 منازل، وتعكس هذه المكتشفات طريقة الحياة المعيشية، لاسيما في وجود القطع الفخارية المتنوعة، وكذلك مادة القار التي تشير إلى وجود ورشة لحرق القار وإصلاح السفن وطلاء الجرار».
النشاط البشري
واستطرد في الحديث عن طرق إعادة صياغة النشاط البشري في الجزيرة، وقال إن المكتشفات التي حصلنا عليها تشير الى أن مستوطنة القصور في فيلكا كانت على اتصال وثيق في ميناء الجزيرة، كما ان بقايا عظام الحيوانات التي عثرنا عليها تعود الى القرنين التاسع عشر والعشرين، وبذلك سنقوم بربط بعض المعلومات الموثقة بالنتائج التي توصلنا اليها للحصول لتحديد شكل النشاط البشري في هذه البقعة.أسس أكاديمية
وفيما يتعلق بالتعاون والتنسيق مع البعثات الأخرى، أجاب ديميكالي أن كل البعثات الأثرية العاملة في الكويت تهدف الى الوصول الى نتائج مبنية على أسس أكاديمية، والبعثة الإيطالية لا تعمل بمعزل عن البعثات الأخرى، بل تتشارك معها رغبة في تحقيق إضافة تاريخية وأثرية جديدة.العصر الهلنستي
وحول معرفته بأهمية هذه المنطقة تاريخيا قبل المجيء إلى الكويت، أكد أنه يعي جدا الإرث الحضاري لهذه المنطقة، لأنه في الجامعة كان يدرس العصر الهلنستي وحضارات الشرق، موضحا انه حاليا بدأ يهتم بدراسة العصر الإسلامي، ولكن ليس من جانب سياسي، بل رغبة في التعايش معاً بسلام، معتبرا ان الحضارات القديمة والمكتشفات الأثرية يجمعان العالم بأسره على أنه تراث إنساني.إصدار أثري
وكشف أن البعثة الإيطالية ستصدر كتابا من جزئين يركز على نتائج عمل البعثة الإيطالية، وسيكون ذلك تحت مظلة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وسيكون الإصدار متضمنا نتائج دراسة المادة الأثرية والإرث المعماري.ممتلكات ثقافية نادرة
وشدد على ضرورة وضع سياج حول المواقع الأثرية بأكملها في جزيرة فيلكا، لأن ثمة عمليات تدمير تتعرض لها هذه المواقع التي تعد ممتلكات ثقافية نادرة، ولا يجب التفريط فيها، بل يجب المحافظة على الإرث الحضاري والإنساني، مشيرا الى ان مسؤولية حماية هذه الآثار لا تقع على عاتق العاملين في التنقيب الأثري، بل هي مسؤولية تقع على الأفراد كافة ومؤسسات المجتمع المدني.جهاز كاشف المعادن
وأعرب عن أمله أن تسن قوانين تحدد الدخول إلى هذه المناطق ويمنع التجول في هذه المنطقة إلا من خلال تصريح تصدره الجهات المختصة، وأورد مثالا على هذه التجاوزات فقال إنه في العام الماضي وجدوا آثاراً لعبث بعض الأفراد في هذا الموقع بواسطة جهاز كاشف المعادن.تسهيل المهمة
وقدم رئيس البعثة الإيطالية في ختام حديثه الشكر للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ممثلا بالأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة ود. سلطان الدويش ود. حامد المطيري والفريق الكويتي للتنقيب عن الآثار لتسهيل مهمة البعثة الإيطالية لتحقيق النتائج المرجوة.