الحربي لـ «الصحية»: وفاة الصواغ وراءها خطأ طبي جسيم
اللجنة أصدرت تقريرها ووجهت إلى حفظ جوازات سفر العاملين في «الصحة»... والجريدة• تنشر تفاصيله
بعدما اتفقت اللجنة الصحية البرلمانية مع وزير الصحة علي العبيدي على أن هناك خطأ طبياً فادحاً وراء وفاة النائب السابق فلاح الصواغ، أصدرت اللجنة 5 توصيات، أعادت بها ملف الأخطاء الطبية إلى الواجهة، بكشفها وقوع 583 خطأ خلال السنوات الست الماضية، بينها 111 خطأ في 2016.
تضمن تقرير لجنة الشؤون الصحية والاجتماعية والعمل البرلمانية الخاص بالتحقيق في الاسباب التي ادت الى وفاة النائب السابق فلاح الصواغ رحمة الله، 5 توصيات، بينها قيام وزارة الصحة بإجراء دراسة شاملة للأخطاء الطبية في الكويت، وإعادة النظر في آلية السماح بسفر العامل الوافد في القطاع الصحي، وذلك بتطويرها بما ينسجم مع تحقيق رقابة اكثر، اذ حثت اللجنة الوزارة على الاحتفاظ بجوازات سفر عامليها، وعدم الاكتفاء بالحصول على "الخروجية" لمغادرة البلاد.واشارت، اللجنة في مقدمة تقريرها الذي تم ادراجه على جدول اعمال الجلسة المقبلة، والذي حصلت "الجريدة" على نسخة منه، الى رفض وزارة الصحة تزويد اللجنة بالوثائق والمستندات المتعلقة بالوفاة، ومنها على وجه الخصوص التقرير الطبي حول أسباب الوفاة، واسماء أعضاء الطاقم الطبي المشرف والمعالج للمرحوم ومؤهلاتهم العلمية وخبراتهم وتقرير لجنة التحقيق التي تم تشكيلها في وزارة الصحة حول تداعيات وفاة الصواغ والنتيجة التي توصلت اليها.وأكدت اللجنة أن للبرلمان الحق في تكوين لجان التحقيق، وفق ما نص عليه الدستور في المادة 114، واحقيتها في الحصول على الوثائق، تأكيداً على دور المجلس الرقابي بالشكل الذي لا يمس عمل السلطة القضائية ولا يؤثر على سير العدالة واحتراماً لنص الدستور وروحه. وبينت أن موضوع التحقيق يتعلق بوفاة ينظرها القضاء، لذا سعت اللجنة إلى البحث في الشق السياسي المتعلق اساساً بمراقبة إجراءات الحكومة في حادثة الوفاة، متمثلة في إجراءات وزارة الصحة بشكل أساسي، ووزارة الداخلية في شق آخر.واقتصر أداء اللجنة خلال اجتماعاتها، التي حضرها وزير الصحة جمال الحربي ومسؤولو الوزارة، اضافة الى عدد من القيادات في وزارة الداخلية، على الإجراءات التي اتبعتها وزارة الصحة في حالة وفاة المرحوم فلاح الصواغ، بدءا من تحقيق الوزارة وانتهاء بالإحالة إلى النائب العام، ومدى كفايتها في التعامل مع هذه الحالة التي ادت الى الوفاة والتي اثارت الرأي العام، ومراقبة الاجراءات التي اتبعتها "الصحة" و"الداخلية" في موضوع هروب طبيب التخدير دون علمها أو حصوله على إذن خروجية.
3 لجان
وأكد المعنيون من "الصحة" أنه في جميع حالات الوفيات والمضاعفات الطبية التي تحدث في المستشفيات والمراكز الطبية يحال الأمر الى ثلاث لجان تحقيق لابد ان تمر بها الحالة بالتدرج، وهي لجنة تحقيق المضاعفات والوفيات، ولجنة تحقيق محايدة، اضافة الى اللجنة الطبية العليا، وقد أحيلت تداعيات قضية وفاة االصواغ- رحمه الله- الى كل هذه اللجان التحقيقية الثلاث، التي انتهت الى وجود خطأ طبي مهني فادح، وكان تاريخ تقرير اللجنة العليا قد رفع إلى الوزير في 27/11/2016، وذلك في عهد الوزير السابق علي العبيدي.وأكد وزير الصحة الحالي جمال الحربي بحسب ما جاء في تقرير اللجنة "انه تسلم وزارة الصحة بالمرسوم الأميري بتاريخ 10/12/2016م، وبصفتي طبيبا جراحا، وبعد اطلاعي على ملف القضية كاملا وتقرير اللجنة العليا وما انتهى اليه الرأي الفني من وجود إهمال وخطأ طبي مهني فادح، فقد احيل الموضوع إلى النيابة العامة لقناعتي بأن هناك خطأ طبيا جسيما وعدم اتباع للبروتوكولات الطبية المهنية المفترض اتخاذها قبل وأثناء وبعد إجراء العملية، وذلك لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتسببين، وذلك بتاريخ 13/12/2016".عقوبات تأديبية
ونقل تقرير اللجنة عن المسؤولين في "الصحة" قولهم "قبل احالة الموضوع إلى النيابة، وعلى اثر نتائج لجان التحقيق في الوزارة، فقد قامت بتوقيع عقوبات تأديبية على الأطباء المسؤولين عن الخطأ الذي ارتكب وهي: الخصم المالي مدة اسبوع على الدكتور الجراح الذي اجرى العملية، والخصم المالي مدة اسبوعين على الدكتور المسؤول عن التخدير... اما بعد احالة الموضوع الى النيابة فقد تم ارسال كتاب الى مركز البابطين للحروق والتجميل بوقف الطبيب الجراح عن إجراء العمليات إلى حين انتهاء التحقيق في النيابة كإجراء احترازي".وبشأن ما أثير عن مغادرة طبيب التخدير المصري الجنسية للبلاد، فقد ذكرت "الصحة" انه كان قد غادر الى مصر قبل اجراء التحقيق، وتم استدعاؤه من الوزارة للتحقيق معه، وبعد ذلك غادر البلاد مرة اخرى، دون الحصول على اذن خروج (خروجية)، ما دفع وزارة الصحة لمخاطبة وزارة الداخلية وإرسال كتاب مؤرخ في 3 يناير 2017، للإفادة عما اذا غادر الطبيب البلاد من عدمه خلال الفترة من تاريخ 30 أكتوبر الماضي حتى 3 نوفمبر ومعرفة سبب السماح له بالمغادرة دون إذن خروجية، لأنه من موظفي وزارة الصحة وعلى إقامتها".وقد أوضحت وزارة الصحة حسب ما جاء في تقرير اللجنة كذلك، خلال اجتماعات اللجنة أنه لا يحق للوزارة حجز جوازات السفر الخاصة بالموظفين غير الكويتيين، تطبيقاً للتعميم الصادر من ديوان الخدمة المدنية رقم 20 لسنة 1993 بشأن احتفاظ الموظفين غير الكويتين بجوازات سفرهم، والاستعاضة عنه بورقة الخروجية. وقد أكدت وزارة الداخلية أنها استلمت من وزارة الصحة بتاريخ 23 اكتوبر الماضي كتابا يفيد بتوقيع منع السفر بشأن أربعة اطباء، ولم يكن مدرجا من بينهم اسم الدكتور المسؤول عن التخدير، حيث ورد الكتاب الخاص بشأنه الى الوزارة بتاريخ 3 نوفمبر، مما ترتب عليه عدم وضعه في قائمة الممنوعين من السفر، لذا فقد تمت معاملته كمسافر عادي وغادر البلاد بتاريخ 30 اكتوبر الفائت، وهذا الأمر لا يعفي وزارة الداخلية من المسؤولية، اذ ان الخطأ كان في عدم التدقيق على وجود إذن خروجية للطبيب المسافر كان بسبب الزحام حسب افادة الضابط المسؤول".واشار وزير الداخلية حسب ما بينت اللجنة الى انه على اثر ذلك تم احالة الموظف المسؤول عن خروج الطبيب من المطار (وهو موظف مدني في وزارة الداخلية مسؤول عن تدقيق جوازات المغادرين في احد كاونترات المطار) للتحقيق معه وفق الأصول القانونية، وسيتم بناء عليه اتخاذ الإجراءات المناسب بشأنه. وقد أوضح المعنيون من وزارة الداخلية وجود تناقض في ترقيم الكتابين المرسلين بالسجل، حيث ان الكتاب المتعلق بمنع سفر أربعة اطباء من وزارة الصحة المؤرخ بـ23/10/2016 يحمل رقم 1517 والكتاب المتعلق بمنع سفر دكتور التخدير المؤرخ بـ3/11/2016 يحمل الرقم (1516)، بما يفيد ان الكتاب الثاني يحمل رقماً اقل من رقم الكتاب الذي يسبقه بعشرة ايام.• لجان التحقيق الثلاث في الوزارة انتهت إلى وجود خطأ طبي مهني فادح• البروتوكولات الطبية المهنية المفترضة لم تتبع قبل العملية وأثناءها وبعدها • «الصحة» عاقبت المتسببين في الوفاة بخصم أسبوع للجراح وأسبوعين لطبيب التخدير• عملية شفط الدهون أجريت للراحل رغم عدم صلاحيتها له بسبب وزنه الزائد
• تراخٍ عن متابعة المريض بـ «العناية المركزة» رغم سوء حالته • «الصحة» منحت طبيب التخدير فرصة الهروب... وموظف المطار ساعدهنتيجة التحقيق
ثم انتقل تقرير اللجنة عقب ذلك الى سرد نتيجة التحقيق، وجاء فيه ما يلي: بعد الاستماع الى رأي الجهات المعنية وفحص الأوراق والمستندات، قررت اللجنة ما يلي:أولا: تجد اللجنة ان وفاة النائب السابق فلاح الصواغ كانت بخطأ طبي جسيم، ذلك ان لجان التحقيق الثلاث اجمعت على وجود خطأ طبي مهني، وان هذا الخطأ كان قبل وأثناء وبعد العملية، حيث كان المرحوم فلاح الصواغ يعاني وزنا زائدا بسبب مشكلة طبية في جدار المعدة (فتق/ hernia) غير معالج، الأمر الذي منع معه وفقا لأصول الطب من اجراء عملية شفط الدهون، وأن إجراء هذه العملية امر غير ممكن ويعرض المريض لخطر محقق، ومع ذلك فقد أجريت له هذه العملية، مع عدم مراعاة الإجراءات الطبية السليمة والحالة الصحية للمرحوم، والقصور الذي شاب الاجراءات الطبية المتبعة قبل وبعد العملية الجراحية، والنقص الشديد في الملف الطبي الذي خلا من تدوين الملاحظات والعديد من الإجراءات الطبية، التي تعتبر سجلا طبيا للمريض، والتراخي عن متابعة المريض في العناية المركزة برغم سوء الحالة الطبية التي وصل لها المريض.طبيب التخدير
ثانيا: بالتدقيق في إجراءات وزارة الصحة التي قامت بها للتعامل مع هذه القضية، يظهر مدى القصور والتراخي وعدم الاهتمام والأخطاء الكثيرة التي تدل على عدم مراعاة الأصول القانونية والإدارية والطبية، وقد تجلى ذلك في:1- تراخي الوزارة في اتخاذ الإجراءات، حيث توفي الصواغ بتاريخ 13/10/2016، وانتهت اللجنة الطبية العليا من تقريرها بتاريخ 27/11/2016 الى وجود خطأ طبي مهني فادح، ومع ذلك لم تتم إحالة الموضوع للنيابة العامة الا بتاريخ 13/12/2016، اي بعد مرور ستة عشر يوماً، وكان على الوزارة إحالة الموضوع فور انتهاء اللجنة من تقريرها، الأمر الذي تراه اللجنة استهانة بأرواح المواطنين.2- عدم تناسب العقوبة مع الخطأ الجسيم، حيث ان العقوبة الادارية (الخصم المالي) التي تم توقيعها بحق المتسببين تعتبر متواضعة جدا بالنسبة للنتيجة المتحققة من الخطأ الطبي وهي الوفاة، وكان على الوزارة الذهاب باتجاه ايقاع عقوبات تتناسب مع الخطأ الجسيم الذي اثبت بتحقيق الوزارة.3- قيام الوزارة بمنع الطبيب الجراح وهو من اهم المسؤولين عن الخطأ من دخول العمليات وذلك بعد إحالة الملف الى النائب العام، ونحن نرى انه كان من الأولى بالوزارة منعه من دخول العمليات منذ إحالته للتحقيق وبعد ثبوت الخطأ في تقرير اللجنة الأولى أي لجنة الوفيات والمضاعفات في المستشفى كان يجب تطبيق نص المادة 30 من قانون الخدمة المدنية.4- أما في إجراءات الوزارة بشأن منع سفر الأطباء فإن اللجنة تسجل التالي: - تأخر وزارة الصحة في إرسال كتاب منع السفر الخاص بطبيب التخدير، حيث رأت اللجنة القصور بعينه عندما ارسلت وزارة الصحة كتاباً لوزارة الداخلية لادراج أربعة أطباء اخرين في قائمة الممنوعين من السفر لم يكن اسم طبيب التخدير من ضمنهم اعطاه فرصة للهروب.- كما ان وجود تناقض في ترقيم الكتابين المرسلين بالسجل، بما يفيد ان الكتاب الثاني يحمل رقماً اقل من رقم الكتاب الذي يسبقه بعشرة ايام يدل على ان هناك من سعى لتهريب الطبيب المذكور.5- ومع ذلك، فقد ثبت للجنة قيام احد العاملين في وزارة الداخلية بالسماح لدكتور التخدير بالسفر الى بلده، رغم عدم حصوله على اذن خروجية من وزارته، اذ انه لا يسمح لأي عامل في وزارة الصحة بالسفر دون التأكد من حصوله على اذن خروجيه من وزارة الصحة، ومع ذلك فقد سافر الطبيب الأمر الذي تراه اللجنة خطأ يستوجب المساءلة.6- كتاب وزارة الصحة للاستفسار عن خروج طبيب التخدير كشف عن وجود تراخ وتساهل من موظفي الداخلية في تسهيل خروج الوافدين العاملين في القطاع الحكومي دون اذن الخروجية، مما يشير الى وجود حالات مماثلة لم يتم الكشف عنها من قبل وزارة الداخلية، بناء على الواسطات والمحسوبيات، الأمر الذي يقتضي معه دراسة اجراءات خروج الوافدين.توصيات اللجنة:
1- اعادة النظر في العقوبات التأديبية المفروضة على المسؤولين عن الخطأ الطبي في وزارة الصحة.2- محاسبة المقصرين في متابعة القضية في وزارة الصحة، والتأخر في اخبار وزارة الداخلية لاتخاذ اجراءات المنع من السفر.3- ضرورة احالة ملف الموظف المسؤول في وزارة الداخلية عن هروب الطبيب الى القضاء.4- ضرورة قيام وزارة الصحة بإجراء دراسة شاملة للأخطاء الطبية في الكويت، تتضمن اسبابها ووسائل الحد منها، وتزويد المجلس بها.5- ضرورة إعادة النظر في آلية السماح بسفر العامل الوافد في القطاع الصحي وذلك بتطويرها بما ينسجم مع تحقيق رقابة اكثر.