مبارك "لافيك" يا مجلس أمتنا، فبعد أن شبت عبارة "حكومة تستجوب حكومة" عن الطوق، وصار عمرها 18 عاما بالتمام والكمال جاءت نظرية "عنونو" صغيرة لم يتجاوز عمرها الأيام فقط لتؤنس بجمالها المضحك المبكي وحدة حياتنا السياسية، عبارة جاد بها رحم الاستجوابات الولادة وتدعى "وزير يستجوب وزيراً"!من يظن أن محاور النواب البابطين والسبيعي والطبطبائي هي من طرحت الثقة بوزير الإعلام فهو على خطأ، ومن يظن أن سبب ارتفاع أرقام الموافقين على طرح الثقة هو المحاور ذاتها فظنه أيضا جانب الصواب، ومن أطاح بالوزير حقا هو الوزير نفسه لا سواه، ومن استجوب الوزير وضيق عليه الخناق بمحاور لا تبقي ولا تذر هو الوزير ذاته، ومن طرح ثقة النواب بالضربة القاضية هو قبضة ردود الوزير ومستشاريه التي أرادت أن تكحل عين موقفه فعمتها!
محاور الوزير ضد الوزير هي الأقوى من محاور المستجوبين كلها بلا أدنى شك، أولها محور "الضحك من غير أسباب في حضرة النواب"، وثانيها محور "خذوهم بالصوت لا يغلبوكوا". المحور الأول أبدع مستشارو الوزير في حبكه حتى جاء بصورته الكارثية خلال جلسة الاستجواب، انقلبت السخرية على الساخر، واستفزت قهقهة المستشارين النواب والمواطنين فاكتسى مؤشر المطارح بلون "دربك خضر يا مستجوب"، فارتفع سهم "طرح الثقة" عاليا، وردود الأفعال ما بعد الاستجواب تشهد على ذلك، وما تسونامي الموافقين الثلاثين على طرح الثقة بعد زلزال الضحكات عليكم بخاف، فقاعة عبدالله السالم ليست فقاعة هزلية، والاستجواب ليس فقرة كوميدية، والدستور الذي صنع لنا كل هذا الكيان الديمقراطي ليس شباكا مفتوحا لتذاكر الفرفشة، بل هو شباك نطل عبره على تاريخ مهيب لابد أن يُحترم. لا يلام النواب إن انتصروا لكراماتهم الدستورية، ولا نلام كموطنين إن "فزعنا" لكراماتنا الشعبية وبدون تردد، فتحولنا لطوارق نحرق سفن أسفنا لنخطب بجموع مشاعرنا المحتشدة على جزيرة الاستجواب: "المحاور" من أمامكم و"القهقهات الاستفزازية" من خلفكم... فأين المفر؟ وطبعا المفر المكر المقبل المدبر معا كان هنا طرح الثقة الذي حطه سيل محور القهقهات من علٍ!المحور الثاني هو "خذوهم بالصوت لا يغلبوكوا"، الوزير ترك نقاط المحاور تسافر نحو أسماعنا بدون محرم، وأخذ ينحو بقوافل ردوره نحو ديار الشخصانية، اتهم المستجوبين بالانتفاع المادي ونبش في مواقف قديمة لهم، وشن عليهم حملة شعواء تستهدف أشخاصهم لا محاورهم كما هو مفترض! ولا أدري من أشار عليه بذلك ولكن "الوكاد" أنه "ما عيّن من وراء هالاستشارة خير"، فالنواب والشعب من ورائهم كان جل همهم هو تفنيد الوزير نقاط المحاور، لا سماع السير الذاتية للنواب المستجوبين، فالنائب حسب الدستور يتقدم نحو منصة الاستجواب مستجوبا ويرد على محاور استجوابه ولا يتقدم نحوها خاطبا "عشان ندور فيه العذاريب"! ليت الوزير ركز على المحاور وترك جانبا "المحاورة الشخصانية" بينه وبين فريق المستجوبين، فأشعار المحاورات الشخصانية دوما يتبعها الغاوون لا المواطنون أو ممثلوهم في مجلس الأمة الذين يبحثون عن عنب المحاور لا ناطور فلان وعلان وفلنتان!
مقالات
خارج السرب: وزير يستجوب وزيراً!
08-02-2017