كأن كثيراً من السياسيين في الكويت يزعجهم بصيص التفاؤل الذي نشعر به أحيانا لوجود علامة مضيئة هنا وهناك، فالموضوع بالنسبة إليهم تشجيع على اليأس ومحاولة تعزيزه إن أمكن، وفي تطورات الساحة السياسية بالأيام الأخيرة دليل على ما أقول.

فقد قُدِّم استجواب لوزير الإعلام والشباب على خلفية الملف الرياضي، حيث عبر المستجوبون عن وجهة نظر أبناء فهد الأحمد في تناولهم هذا الملف، وطعَّموا الاستجواب بمحور إعلامي لم يكن بالإمكان قيامه منفرداً، ولم يتمكن الوزير من نيل القبول النيابي مما اضطره للاستقالة، والمفارقة أن ما أسقط الوزير هو المحور الإعلامي لا الرياضي.

Ad

على أي حال لست هنا لأناقش تفاصيل الاستجواب بقدر ما ترتب عليه من نتائج، وتحديدا النتيجة الكارثية التي اتخذها وزير الإعلام قبل رحيله، وأقصد هنا إيقاف الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب واثنين من زملائه عن العمل.

وإليكم ما ذكرته في مقال سابق وتحديداً في مايو ٢٠١٦ من حقائق عن الأمين العام السيد علي اليوحة "أن الكويت احتضنت 280 نشاطاً ثقافياً منذ بداية العام بمعدل ثلاثة أنشطة يوميا شاملة للعطل وأيام الراحة الأسبوعية، وهو معدل عالٍ عالميا إن لم يكن الأعلى على الإطلاق، علما أن هذا العدد من الأنشطة لا يشمل المهرجانات الثقافية المعتادة التي تقيمها الكويت، بل هي أنشطة ثقافية مستقلة.

هذا الكم الكبير من الثقافة المنثورة في المجتمع، وهذا التنوع الجميل المستقطب لتقديم أعماله في الكويت دليل على أمرين: الأول هو تعطش الناس لمثل هذه الأعمال، بدليل كثافتها التي لم تكن لتتحقق لولا إقبال وشغف الناس بها، والثاني هو إيمان القائمين على الأنشطة الثقافية بالكويت بالمعنى الحقيقي للإصلاح الاجتماعي القائم على التنوع والانفتاح، وأنا هنا لا أتحدث عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب فحسب، بل هناك جهات أخرى تقدم الإبداع كدار الآثار الإسلامية، و"لوياك" و"نقاط" والعديد من المراكز الأخرى التي لم أتشرف بالتعرف عليها إلى الآن كمنصة الإبداع الحديث و"المكان". (انتهى الاقتباس).

رجال ساهموا في هذا الكم الرائع من الأنشطة والبرامج الثقافية المتنوعة التي تلمسنا فيها بعض الأمل لإعادة الكويت لسابق عهدها كمنارة ثقافية، يقوم الوزير في آخر قراراته بإيقافهم عن العمل!! والمصيبة ليست بفعل الوزير السابق فحسب بل المصيبة الأكبر بالصمت النيابي المخزي على هذا الإيقاف، فلم نجد من النواب من ينصف هؤلاء أو من يصعد ضد الحكومة لحماية مبدعين لا ذنب لهم سوى نشر الثقافة والفنون بأبهى صورها في الكويت.

لا تفسير لهذا الصمت لدى غالبية النواب سوى إعجابهم بالقرار الموجه مباشرة ضد الثقافة والتنوع، أو خوفهم من تيارات الظلام داخل المجلس وخارجه فلم يلتفتوا لهذا الظلم البيّن على رجال يشهد لهم الجميع بالكفاءة وحسن الإدارة.

إن ما حدث مع هؤلاء يجعلنا نغرق في اليأس، فمن يعمل يحارب دون أن ينصره أحد، ومن يحارب الكويت علنا يتسابق النواب لنصرته!!

ضمن نطاق التغطية:

وزير الإعلام الجديد محمد العبدالله بعد التحية، إلغاء قرار إيقاف رجال المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب أمر مستحق ولا منّة فيه أو فضل، فإن لم تبادر لذلك فورا، فلن تقتصر المطالبات على "تويتر".