في خطوة من شأنها تقويض فرص التوصل إلى حل سلمي لإنهاء الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين على أساس إقامة دولتين، أقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قانونا يقنن الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين الخاصة.

وقنن التشريع الجديد بأثر رجعي وضع نحو أربعة آلاف وحدة سكنية استيطانية بنيت على أراضٍ يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة وهو إجراء أثار قلقا دوليا.

Ad

والقانون الذي يقول معارضوه إن إسرائيل ستطبق من خلاله لأول مرة قانونها المدني في الضفة الغربية ليس فقط على الأفراد بل على أراض معترف بأنها فلسطينية، تم إقراره في قراءة ثالثة ونهائية بأغلبية 60 نائبا مقابل 52 صوتوا ضده، وذلك من أصل 120 نائبا يتألف منهم البرلمان.

ويسمح القانون باستملاك أراض خاصة تعود إلى فلسطينيين شيد إسرائيليون عليها مباني بدون ترخيص سواء لأنهم لم يكونوا يعلمون أنها ملكية خاصة أو لأن السلطات الإسرائيلية سمحت لهم بذلك.

وبحسب القانون الذي تم تبنيه مساء أمس الأول سيتم تعويض المالكين الفلسطينيين ماديا أو من خلال إعطائهم أراضي أخرى. ويكرس التشريع الجديد مصادرة 8 كلم مربع من أراضٍ فلسطينية خاصة.

وسيتم تطبيق القانون على 16 مستوطنة. تم استثناء بؤرة "عمونا" العشوائية التي أخليت الأسبوع الماضي منه.

وبعد ساعات على إقرار التشريع الجديد، أمرت المحكمة الإسرائيلية العليا بهدم 17 منشأة في مستوطنة عشوائية، غير أنها خضعت لطلب الحكومة بتشريع 18 منشأة في المستوطنة نفسها. ودان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت الخطوة الإسرائيلية. ووصف القانون بأنه "هجوم جديد على حل الدولتين".

ويعتبر المجتمع الدولي جميع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية إلا أن إسرائيل تميز بين المستوطنات التي توافق عليها وتلك التي تقام عشوائيا.

في غضون ذلك، حذر زعيم المعارضة وحزب العمل إسحق هرتزوغ من أن القانون قد يعرض الجنود الإسرائيليين والمسؤولين إلى ملاحقات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وألمح المدعي العام للحكومة افيخاي ماندلبليت إلى أن القانون قد يعرض المسؤولين الإسرائيليين لملاحقات قضائية في المحكمة الدولية، وأكد أنه لن يدافع عنه، في حين أكدت منظمات حقوقية إسرائيلية أنها ستقدم التماسا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لإلغاء القانون.

وبينما رأت منظمة "السلام الان" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جعل من السرقة سياسة رسمية وألحق وصمة بكتب القانون الإسرائيلي"، استبعد خبير قانوني إسرائيلي يدعى يوفال شاني أن يصمد القانون إذا ما تم رفعه للمحكمة العليا لتضمنه تمييزا ضد الفلسطينيين لأنه ينظم فقط نقل ملكية الأراضي من الفلسطينيين إلى اليهود.

وبينما صدرت إدانات للتشريع الإسرائيلي من عدة عواصم عربية وإسلامية وأوروبية، رفضت الولايات المتحدة التعليق على المشروع.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية إن "الإدارة بحاجة إلى فرصة للتشاور مع جميع الأطراف بشأن الطريق الواجب سلوكها للمضي قدما".

وأضاف: "في الوقت الراهن تدل المؤشرات على أنه من المرجح أن يعاد النظر في هذا التشريع من قبل المحاكم الإسرائيلية ذات الصلة، وإدارة الرئيس دونالد ترامب ستمتنع عن التعليق على التشريع إلى أن تصدر المحكمة ذات الصلة حكمها".

وفي وقت سابق، شكر النائب عن حزب "البيت اليهودي" المتطرف بتسلئيل سموتريتش، أحد أشد داعمي القانون، الشعب الأميركي لانتخابه ترامب، مؤكدا: "من دونه، فإن القانون على الأغلب لم يكن سيتم إقراره".

وأثار إقرار التشريع حفيظة وغضب الفلسطينيين والمدافعين عن حل الدولتين. ودعا الفلسطينيون المجتمع الدولي وواشنطن و"الاتحاد الأوروبي" إلى معاقبة تل أبيب بعد إقرار القانون.

ودانت منظمة "التحرير الفلسطينية" إقرار التشريع. وقالت عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة حنان عشراوي إن "إسرائيل بتشريعها ما يسمى، قانون التسوية، تكون قد قضت نهائيا على أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية وأباحت للمستوطنين الشروع بالاستيلاء على أراضي الضفة الغربية والقدس من دون مساءلة وعقاب".

وأكد وزير الشؤون الخارجية بالسلطة الفلسطينية رياض المالكي أن القيادة الفلسطينية ستدرس وتقيم ردود الفعل الدولية والعربية تجاه تمرير قانون شرعنة الاستيطان، وبناء عليه سيتم تحديد حجم ردود الفعل الفلسطينية. واعتبر المالكي أن الموقف الأميركي بالامتناع عن التعليق على تمرير هذا المشروع يدل على مؤشرات سلبية.

وشدد وزير الخارجية على أنه في حال لم يتم محاسبة إسرائيل، فإن القيادة لن تقبل بمحاسبة أو لوم أي طرف بناء على الخطوات التي سيتم اتخاذها للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.