بعد اختياره شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب الـ 48

صلاح عبد الصبور في شهادات على لسان أحفاده الشعراء

نشر في 09-02-2017
آخر تحديث 09-02-2017 | 00:00
قدم ثلاثة شعراء من أحفاد الشاعر صلاح عبد الصبور، شهاداتهم حول علاقتهم به ومدى تأثرهم بشعره، ورؤاهم فيما يتعلق بانعكاس تجربته على المشهد الشعري المصري والعربي، وذلك ضمن ندوة في عنوان {أحفاد صلاح عبد الصبور: رؤى شهادات}، شارك فيها الشعراء: شيرين العدوي، محمد القليني وغادة نبيل، عقدت في القاعة الرئيسة التي خصصها معرض القاهرة الدولي للكتاب للشاعر الراحل ضمن فعاليات الدورة الـ 48،
تناولت الشاعرة شيرين العدوي جانب الفروسية والبطولة في مسيرة صلاح عبد الصبور، واعتمدت على ديوانه الشهير {أحلام الفارس القديم}، لتقديم ورقة بحثية بعنوان {أحلام الفارس القديم.. رؤية وشهادة}، قالت فيها: {يحمل العنوان كلمة أحلام بصيغتها ودلالتها، وكلمة الفارس بما تحمل من معاني الشجاعة والمواجهة والتحدي. وصف الفارس يعيد إلينا أجواء الفروسية والبطولة، وهذا يجعلنا نستحضر الظروف {الأجواء} التي أحاطت به وماذا كان يعُده شاعرنا في مواجهتها.. وأبرز تلك الظروف ذلك الصراع المحتدم بين رواد الشعر الحديث، ومثلهم آنذاك عبد الصبور، وحراس القديم وكانوا في نظرة طه حسين، والعقاد، والأول حمل عمادة الأدب العربي، والثاني لقب الكاتب الجبار.

أضافت: {لم يجحد صلاح عبد الصبور لهما فضل الريادة في الأدب العربي، ولم يكنّ لهما العداء، لكنه رأى في موقفيهما غير الودي من تيارات الأدب الحديث حجر عثرة أمام تقدم العقل العربي، ما جعله يقسو في انتقادهما في كتابه الأول الذي نشره في سلسلة من المقالات في مجلة روزا ليوسف عام 1961، ثم جمعها في كتاب تحت عنوان {ماذا يبقى منهم للتاريخ}.

تابعت: {امتلك الشاعر الراحل صلاح عبد الصبور شعرية كبيرة، وثقافة أصيلة تضرب بجذورها في الموروث العربي، فقد تعامل مع التراث من خلال منظور تفسير يحاول من خلاله أن يكشف الروح الكامنة في هذا التراث، وعكف عامين كاملين على التراث العربي الشعري كله، يقرأه ويعجب بأصوات منه، ويرفض أخرى ويقدم قراءات جديدة في ذلك الشعر القديم}.

وتطرقت الشاعرة العدوي إلى المنابع الثقافية لشعر صلاح عبد الصبور، معتبرة إليوت أكثر الشعراء الغربيين تأثيراً في شعرائنا المعاصرين، لا سيما في دعوته إلى {الارتباط بالموروث}، في جانبيه النظري والتطبيقي، وكان صلاح عبد الصبور من أشد شعرائنا حماسة للتعبير عن تأثره بإليوت في هذا المجال، حتى أنه عندما أراد أن يعبر عن عمق صلته بموروثه فعل ذلك من خلال أفكار إليوت، وربما من خلال عباراته ذاتها، ويقول: {ليس التراث حركة جامدة، ولكنه حركة متجددة، والماضي لا يحيا إلا في الحاضر، وكل قصيدة لا تستطيع أن تمد عمرها إلى المستقبل لا تستحق أن تكون تراثاً، ولكل شاعر أن يختار تراثه الخاص}.

أكدت العدوي أهمية تواصل الأجيال الجديدة مع شعر صلاح عبد الصبور، وتجربته، وقالت في ختام شهادتها: {شعر صلاح عبد الصبور باقٍ فينا نحن الأحفاد، بل إنه باقٍ في العربية ما بقيت الحياة}.

القليني والشاعر الثائر

«ما الذي تعلمته من صلاح عبد الصبور؟.. سؤال بدأ به الشاعر محمد القليني شهادته، وأجاب: «تعلمت منه أن أكون ثائراً، لأن الشاعر يجب أن يكون ثائراً على كل أشكال الكتابة وآلياتها، وعلى قصيدته»، واستطرد القليني: «هذه الثورة لا تعني القطيعة مع التراث، لأن الشاعر الحقيقي يحترم تراثه، ويقرأه بعناية ويتعلم منه، ويتأثر به، لكن في ضوء أن يكون للشاعر رؤيته الخاصة، وليس مجرد ناقل فقط».

أشار القليني إلى أن هذه هي المعادلة الصعبة حققها عبد الصبور في شعره، فكتب شعراً حداثياً مختلفاً عن كل ما كتب، وفي الوقت نفسه تمسك بجذوره وهويته وتراثه، مضيفاً أن الحداثة عند عبد الصبور لم تكن على أشكال الكتابة واللغة والآلية والبناء فقط، بل امتدت إلى الطرح أيضاً الذي تقدمه هذه الكتابة.

وأضاف أن صلاح عبد الصبور صاحب رؤية عميقة وثاقبة، إذ يضع قصيدته على عتبة المستقبل، تاركاً لنا مهمة الانبهار والخوف في آن، لكن السؤال: هل كانت هذه الرؤية الثاقبة في شعر صلاح عبد الصبور نتاج ذكائه الشخصي فقط؟ أم أن هذه الرؤية بالإضافة إلى الذكاء الشخصي والفطنة، نتاج جهد معرفي ضخم بذله الرجل، واحتكاك كبير بكل ما يخص التاريخ للوصول إلى فهم دقيق للحاضر، ومحاولة التأثير بالإيجاب في المستقبل؟

وتناول القليني قصيدة «شنق زهران»، وقال إن صلاح عبد الصبور يحدثنا في هذه القصيدة عن شاب مصري بسيط يدعى زهران، أحب فتاة وتزوجها، وأنجب منها غلاماً جميلا، لكنه شُنق في أحداث دنشواي الشهيرة، قبل أن يحقق الأحلام، التي أدخرها لأسرته، وما يميز هذه القصيدة أنها تتحدث عن الحاضر، فهي قصيدة تقف على عتبة المستقبل وتدق أجراس الخطر.

غادة نبيل وفكرة «الأب»

أعربت غادة نبيل، عن اعتزازها بشخص صلاح عبد الصبور، وأوضحت في شهادتها أنها لم تقرر المشاركة في الندوة كعودة للماضي، خصوصاً أنها لم تعش في مصر طويلاً وقررت الهجرة خارج الوطن، ولكنها ذكرت أن سبب موافقتها هو فكرة الأب.

وأشارت إلى أنها بدأت قراءة نتاج عبد الصبور في بداية العشرينيات من عمرها، مؤكدة اختلافه عن شعراء جيله، فهو اعترض على الشعرية المحيطة بهم، مشيرة إلى أنها إذا أرادت حصر أحفاد صلاح عبد الصبور، فلا يكفي ذلك دراسة كاملة.

أضافت: «أحفاد صلاح عبد الصبور، ليسوا مصريين فقط، وإنما بعضهم من الشعراء العرب، وثمة من يأنفون من شبهة تأثرهم بعبد الصبور، ويرفضون قصيدته بشدة، أو يسخرون منه، غير أنه يبقى أحد أبرز الشعراء المصريين والعرب الذين تركوا بصمة كبرى، وله امتداد شعري في الأدب والفن وعلى امتداد الأجيال، هذا الامتداد والتواصل تتجلى مظاهرهما في إبداعنا الشعري، فكثيراً ما ينحو في شعره، منحى درامياً، ويفيض شعره بتلك النزعة الصوفية، فضلا عن توظيف التراث في شخصياته، وثمة باحثون ودارسون توقفوا عند شعر صلاح عبد الصبور، في محاولة منهم للنفاذ إلى هذه الرؤية الشعرية وتجلياتها.

شخصية المعرض

اختارت اللجنة العليا في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ٤٨ صلاح عبد الصبور شخصية المعرض، وذلك للدور الكبير الذي بدأه منذ الصغر في تطور الشعر والثقافة العربية.

back to top