لاحظت مؤخراً ظهور بضع شعيرات بيضاء في رأسي... هي أقل بكثير من أن تُرى، فهي كما قلت مجرد شعيرات. لم تزعجني كثيراً، فتركتها تنمو دون اكتراث، خصوصاً أنها لا تشذ كثيراً عن لون شعري الفاتح، ونسيت أنني أعيش في بلد الملاحظة الميكروسكوبية والهوس بالشكليات! بضع شعيرات بيضاء أقامت الدنيا عليّ ولم تقعدها!! فأصبح التعليق النسائي الأول الذي يأتيني من نصيب "شيباتي"- التي لا أعلم كيف لوحظت أصلاً- مصحوباً بكميات تجارية من النصح والوعظ كي "أهتم بنفسي" وأقوم بصباغتها!
جميع تلك التعليقات السلبية التي انهالت علي بسبب بضعة خيوط بيضاء متناثرة في رأسي مختبئة في سواده الأعظم، جميعها أتت من نساء، فما أصعب التعايش مع المجتمع النسائي! ذلك المجتمع الذي لن تنتمي إليه يوماً إلا باقتنائك حقيبة "ماركة"، وجعل الاهتمام بآخر صيحات الموضة والمكياج أولوية كبرى في حياتك. ذلك المجتمع الذي ينتقد دوماً دون مديح، يلتهم نفسه بالغيرة كالسرطان ويشغل نفسه بالقشور، فهنّ مهووسات بتعديل وتبديل كل ما يرينه نقصاً في عالم الفوتوشوب والجمال الوهمي.هل نلوم النساء على إدمان تشريح وجوههن ونفخها كالبالون؟ أم هل هي غلطة الإعلام الذي يشغلنا بتوافه الأمور عن لبها؟صباغة الشيب أمر اختياري للرجال، بل يزيدهم الشيب وسامة في أعين الكثيرين، في حين التخلص من الشعيرات الرمادية يعتبر ضرورة قصوى للنساء! فلماذا المعايير الاجتماعية مزدوجة؟ هل نسمح للأولاد أن ينموا ويكبروا ليصبحوا رجالاً وسيمين في حين تبقى النساء حبيسات علبة "البنية" مدى الحياة؟هل الخوف المرضي من رؤية شعرة بيضاء هو في الحقيقة رهاب من التقدم في السن، وبالتالي الموت؟ أن تعد المرأة غير مطابقة لمعايير الجمال التجارية ذلك يبدو خياراً أسوأ من الموت لدى الكثيرات!
مقالات - اضافات
شعرة
10-02-2017