الوافدون أهلنا
![تهاني الرفاعي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/201_1683223496.jpg)
لا أجد أنه من الإنصاف أن نسعر أرضنا لمن هم في حاجتنا، بل لمن نحن في حاجتهم أيضا، ولا خلاف أننا دون إخوتنا الوافدين «لا نشك خيط بإبرة»، هم جنودنا على هذه الأرض، وهم اليد اليمنى لنا، ولا خير فينا إن لم نُقر بذلك.أتكلّم عمن يُقدّرون نعم الكويت عليهم ويحترمون أرضا احتوتهم فأحبوها وقدّموا لها بحب وولاء كبيرين، أتكلم عن أولئك الذين لا يشعرون بانتماء لغير الكويت، فهي لهم الوطن والسكن، وأذكر أنني ذات صباح أردتُ مساعدة إحدى الصديقات «خالة أم محمد» التي كانت تتألم من قدمها، فأخذتها إلى مستشفى الرازي لنجد حلا يريحها من الوخز الذي بات مزمنا لا يطاق، وبعد قطع طريق مزدحم كله إشارات ومنعطفات لا نهاية لها، عدا انتظار المواقف الممتلئة، وقطع الشارع مشياً في الجو البارد مما ساهم في زيادة شعورها بالألم، وفي أثناء انتظار دورنا في أحد شبابيك الاستقبال المكتظة، جاءنا الرد السريع «الوافدون يراجعون العصر» بما يفيد أنه لا يمكن استقبال أي مراجع «أجنبي» إلا في الفترة المسائية. ورغم أن «الخالة» كانت قد نبهتني لكنني لم أتوقع رفضهم استقبال حالتها المنهكة المثقلة بألم لا تعرف له مناصا منذ أيام، وفعلاً لن تشعر بمأساة غيرك إن لم تخضها بنفسك، ربما الحكمة تكمن في التنظيم كما يزعمون، لكنني لا أجد ما يبرر تقسيم الناس إلى فئات، حتى إن كنت مواطنة كويتية، لأنني قبل كل شيء إنسانة أحتاج إلى أشياء يحتاجها كذلك أخي الوافد، ولا يمكنني تخيّل أن أعاني ألما مزمنا يتعذر معه علاجي لأنني جئتُ في غير وقتي المحدد، لا أرى في ذلك إنسانية مطلقا ودون نقاش، ولا يحق لأي كان أن ينكر جميل أحد ما عليه.يبدو أننا كلّما تقدمنا صرنا أكثر قسوة، فطغت الأنا على الإنسانية للأسف، وما عاد المرء يهتم لثقب القارب الموازي لجهته، الأهم أن يسلم هو والبقية لا تعنيه، ومن ثم نعيب سياسة ترامب التي تنص على مبدأ «أنا ومن بعدي الطوفان» يا خوفي أن نحتاج يوما لأحدهم فيتكلف علينا بمنّة وفضل لا حول لنا فيها ولا قوة.