بدأتَ بدراسة الطب قبل أن تختار الموضة.كان جسم الإنسان يبهرني. لكني لم أكن بارعاً في التحليل وكان الاختصاص طويلاً جداً. بعد الحرب، كنت أعيش مع والديّ وأردتُ أن أساعدهما مادياً. فهمتُ ضرورة أن أعمل سريعاً. في تلك الفترة، كنت أبحث عن نفسي. أصبحتُ مساعد مصوّر ثم بدأتُ أعمل في مجال الموضة عن طريق المصادفة... كنت بائعاً في أكشاك تجارية! وسرعان ما أدركتُ أنني ربما أحمل حس الابتكار!
عملتَ في أكثر من 200 فيلم وجعلتك هوليوود نجمها المبدع. ما هي السينما المفضلة لديك؟أحمل شغفاً كبيراً تجاه السينما في فترة الثلاثينيات، فقد كانت ملهِمة وأنيقة جداً. أعتبرها أقل تكلّفاً وأكثر صفاءً. أحب الأفلام الجميلة والمترابطة، أي تلك التي تُشعِرنا بوجود مخرج يدير بعض العباقرة الصغار من وراء الكاميرا. الفيلم مخزون من المواهب. أنا أؤدي دور المخرج بدرجة معيّنة...
باريس
في عمر الثامنة والعشرين، انطلقتَ إلى باريس للاهتمام بمجموعات الملابس الرجالية في دار «نينو سيروتي». بماذا شعرتَ حينها؟شعرتُ بأنني وضيع ومعزول ومهمّش. كنتُ شخصاً خجولاً. أتيتُ من بيئة متواضعة ومنغلقة جداً حيث اقتصرت معارفي على رفاق المدرسة. كان العيش في باريس تجربة صادمة بالنسبة إلي! وجدتُ نفسي أمام ذلك العالم الجميل والناس الذين يتحركون بطريقة محددة والحياة الباريسية الساحرة... خطفت مدينة «سان جيرمان دي بري» قلبي ولا تزال تسحرني حتى الآن. أتذكّر أنني قلتُ في نفسي: «ربما أنجح في القيام بعمل جيّد هنا!».كيف تصف «باريس الموضة» في ذلك العصر؟أعترف بأنني لا أحب فترة الخمسينيات... يقتصر الجانب الإيجابي في تلك الحقبة على الحماسة التي انتابتنا بعد انتهاء الحرب. كانت رؤية مصمّمي الأزياء ثورية لكنهم كانوا يبتكرون تصاميم جامدة جداً. لهذا السبب قررتُ العمل في عالم الموضة. أردتُ أن أجد امرأة لطيفة وحنونة تتميّز بروحها وليس جسمها.أين تشعر بالراحة؟ في باريس أم ميلانو؟أعيش وأعمل في ميلانو. إنها بلدتي. أختبئ في منزلي هناك. لدي سينما صغيرة بالقرب من منزلي ويحيط بي جميع أصدقائي. باريس مختلفة بالكامل. الأمر أشبه بدخول عالم آخر. أسبوع الموضة كفيل بإحداث ثورة في هذه العاصمة. تسود فيها حرية إبداعية فائقة. إنها مدينة صاخبة ومفعمة بالحياة. أشاهد أحياناً نساءً يرتدين اللون الأسود مع لمسة ملوّنة صغيرة مثل أحمر الشفاه الفاتح أو جزمة حمراء. أعشق هذا الأسلوب! وحدها المرأة الفرنسية تستطيع ابتكار هذا الأسلوب!كيف تصف الرجل الباريسي المعاصر؟لم يتحرّر بعد من بعض القواعد. الرجل الفرنسي كلاسيكي بطبيعته ويجب أن يخرج من قوقعته ويشاهد ما يحصل في العالم الخارجي. تغيّر أسلوب العيش اليوم... في إيطاليا، يُطوّر الرجل سحره بنفسه وأصبحت السترة بلا كمَّين مثلاً خياراً كلاسيكياً.ذكريات تصوير
مرّت أكثر من أربعة عقود منذ تصميم أول سترة رجالية في عام 1975. حرّرتَه من بطانتي الكتف!كنتُ متحمساً جداً وأردتُ أن أبتكر تصميماً مميزاً وشخصياً. «سرقتُ» جوانب كثيرة من الرجل ووضعتُها في تصاميم المرأة. فوجئت بالنجاح الذي حققته شركتي وأقنعني بأن حدسي كان صائباً. ما زلتُ أحتفظ بتلك الحماسة حتى اليوم: إنها مصدر قوتي!تحب التصوير. ما علاقتك بهذا المجال؟إنها لحظة فريدة من نوعها في الحياة. تستطيع الصورة أن تحرّكنا وتجعلنا نحلم وتولّد فينا عواطف قوية. تبثّ فينا أحياناً حنيناً مؤلماً. إنه جزء من الماضي وأنا أحنّ إليه. هذا السلوك ليس مفيداً لأننا نحتاج إلى المضيّ قدماً. في عمر معيّن، لا تبقى لنا إلا ذكريات اللحظات الجميلة.أي ذكريات تحمل؟الذكريات كثيرة... عشتُ تجارب شخصية سعيدة وترك لي عالم الموضة ذكريات مدهشة. أشعر برضا تام حين أراجع المسار الذي قطعتُه وأدرك أنني وصلتُ إلى ما أنا عليه عبر الاتكال على نفسي والحفاظ على استقلاليتي. لكن وراء المشاريع المهنية كلها، حين أفكر بالأشخاص الذين بدأوا مسيرتهم معي وأصبح لديهم أولاد اليوم... تبقى العواطف حيّة في داخلي!حضّرتَ إرثك منذ الآن. لماذا قررتَ إنشاء مؤسسة؟أخشى أن يقع اسم «جورجيو أرماني» ضحية صناديق آسيوية ويصبح في مهب الريح. يجب أن تستمر المجموعة من بعدي وتتمسك بالقيم التي تهمّني. أريد أن أعتني أيضاً بالأشخاص المقربين مني: شقيقتي ونسيبتي وأبناء أشقائي وكل من يرافقني. أريد أن يستمر هذا التعاون. أريدهم أن يشعروا بالفخر ويقولوا: «شكراً جورجيو»! إنه فعل حب.رياضة وقرارات
أنت رئيس أحد أفضل فِرَق كرة السلة الإيطالية (EA7). هل يجب أن يتمتع مصمم الأزياء البارع بقدرة تحمّل توازي الرياضيين العظماء؟تجعلنا هذه المهنة نشعر بالشيخوخة مع مرور الوقت. لكن يختلف الوضع معي! أستيقظ في السابعة صباحاً وأمارس بعض التمارين البدنية طوال ساعة ونصف الساعة يومياً. بدأتُ هذه العادة في عمر الخمسين. اتخذتُ القرار الحاسم حين كنت على الشاطئ في أحد الأيام وقال لي صديقي إنني لم أعد أتمتع بالرشاقة. ساعدتني الرياضة على المضيّ قدماً. لولاها، لا أعرف إذا كنت سأصل إلى ما أنا عليه... بالنسبة إليّ، تعني الرياضة بناء الجسم الذي تطغى عليه الروح والإرادة. اليوم أصبحت الرياضة مجرّد واجهة خارجية أو وسيلة للاستعراض الإعلامي. أهمّ الرياضيين من أجمل الشبان والشابات ويشاركون في برامج حوارية ويتعلّمون فن الكلام ويحيط بهم فريق متكامل للاعتناء بصورتهم ولديهم مدرّبون لتعليمهم طرائق التواصل... أسمّي هذه الظاهرة «رياضة الثرثرة».في شهر مارس الماضي، رفضتَ نهائياً استعمال الفرو في تصاميمك. لماذا؟صدمتُ كثيراً من صور الحيوانات التي تتعذّب للحصول على فرو أفضل. يحمل قراري جانباً أخلاقياً ويتعلق بحماية البيئة أيضاً. لكن يمكن إيجاد نسخ مدهشة من الفرو المزيّف. منذ ذلك الحين، تعتبرني الجمعيات التي تدافع عن الحيوانات رمزاً لها.هل يجب أن تحترم الموضة حاجات الأرض؟إنه عامل أساسي وسيطرح هذا الجانب تحدياً في المستقبل. يجب أن نرفض بعض الممارسات وطموحات شركات الإنتاج التي تزداد توسّعاً ويجب أن نجد طريقة للتخلص من كل ما يضرّ بكوكب الأرض. نحن نعيش على الموارد التي يقدّمها لنا. سنكون أنانيين إذا لم نفكر بالأجيال المستقبلية.هل أنت نباتي؟أصبتُ بالتهاب الكبد قبل بضع سنوات. منذ ذلك الحين لا آكل اللحوم ولا أشرب الكحول. ألتزم يومياً بحمية غذائية دقيقة لكني لستُ نباتياً.بماذا تحلم مستقبلاً؟في عمري يصعب أن أحلم بالمستقبل... بلى لديّ حلم أخير: أريد أن أغمض عينيّ وأنام وأغادر هذه الحياة بكل هدوء.«حبي ملك لي»
جورجيو أرماني كتوم جداً في ما يخص حياته العاطفية. لذا يكتفي بالقول: «أظنّ أن هذا الجانب من حياتي لا يهمّ أحداً. عشتُ أربع علاقات حب كبرى في حياتي. لم يتسنّ لي أن أخوض علاقات كثيرة غيرها لأنني عملتُ كثيراً. لكن يمكنني أن أقول إن آخر حب أعيشه مُلك لي... ليس ملكاً لكم بل لي وحدي!».