بالعربي المشرمح: كالعادة «ركبونا الباص»!
في مقالي السابق ذكرت أن الحكومة قدمت وزيرها قرباناً للمجلس دون أن تسعى إلى إنقاذه وبدهاء سياسي لتكسب الجولات القادمة وتحدّ جماح المجلس في الأيام المقبلة، بعد أن أرعبت النواب وناخبيهم بسبب الاستجواب عبر رسائل الحل والتعليق والاستقالة ليتعهدوا لها بالتهدئة وعدم التأزيم، فركبنا ونوابنا "باص" الحكومة كالعادة من أول محطة. وبرغم نجاح الاستجواب والمستجوبين، نجحت الحكومة أيضاً في كبح جماح المجلس في القادم من الأيام، لتضمن عدم تكرار ما حدث لوزيرها المستقيل، ولسان حالها يقول للنواب: لكم عشرون ولنا عشرون، فالجولة الأولى ستكون لكم، ومن خلالها سيثق بكم ناخبوكم بعد نكبة التصويت للرئاسة، أما بعدها فلا تأخذكم العزة بالإثم فتصدقوا قوتكم وتعتقدوا أنه ضعف منا فلولا سياستنا لمجاراتكم والموالين لنا ما حققتم هذا النجاح الذي جاء بطعم قدمناه لكم ولناخبيكم، فكفى.وفي اعتقادي أن السياسة ولعبتها هكذا، فما فعلته الحكومة أمر جائز في عالم السياسة، حيث قدمت تضحية في الجولة الأولى بشكل طُعم لخصومها كي تكسب بقية الجولات، وهو الأمر الذي لا يعيه الكثيرون بمن فيهم بعض النواب، لاسيما أنها لم تخسر سوى وزير قد يعفى من منصبه في أي تشكيل وزاري، وفِي المقابل لم يتحقق للمجلس مراده الذي من أجله استجوب الوزير، فالرياضة لم تعد، ولم يعاقب أحد على سوء إدارته وفسادها، و"كأنك يا بوزيد ما غزيت"، وفِي المقابل نجحت الحكومة في إرهاب المجلس وتهديده بعدم تكرار ما حصل أو على الأقل نجحت في إرغام كثير من النواب على قبول التهدئة وعدم إثارة أي قضية من شأنها التأزيم، وبذلك حافظت على بقية أعضائها وعلى استمرارها.
يعني بالعربي المشرمح:ركبنا "الباص" كالعادة، إذ لم يحقق الاستجواب مراد المستجوبين، كما استطاعت الحكومة بدهائها لجم جماح المجلس عن الاستمرار في تكرار ذلك، وهذا ما لاحظناه من تصريحات أغلبية النواب، بمن فيهم المعارضة والمحسوبون عليها برفضهم للتأزيم ووجوب العمل التشريعي دون الرقابي، بمعنى لا رقابة ولا مساءلة للحكومة، والاكتفاء بسن التشريعات، لاسيما غير المؤزمة، لذلك سنرى مجلساً أغلبية أعضائه غايتهم إرضاء الحكومة وعدم إثارتها أو إزعاجها لكي تستمر مدته، وسنرى ذلك جلياً في الأيام المقبلة.