سر إعجاب رئيس الولايات المتحدة بفلاديمير بوتين
لم يعمد بوتين إلى استخدام الفوائض الناتجة عن عوائد صادرات النفط في أول 14 سنة من القرن الحادي والعشرين، عندما كانت أسعار النفط أكثر من 145 دولاراً للبرميل، كما لم ينوع اقتصاد بلاده مثلما كان قادة الأعمال في ألمانيا وسويسرا وأميركا يأملون أن يفعل.
مر عقد من الزمن على اعتبار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائداً مفضلاً للعالم، وكان أبلغ لاري كينغ، في مقابلة على شبكة "سي ان إن" في سنة 2007: "انظر الى بوتين، وسواء كنت تحبه أم لا فإنه يقوم بعمل رائع في اعادة بناء صورة روسيا". وقبل فترة قصيرة فقط، عمد ترامب رجل الأعمال والمرشح لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الى اضفاء المزيد من الاشادة بالرئيس الروسي بوتين، وقال في سنة 2015: "إن بوتين على الدرجة (اي) من حيث القيادة ورئيسنا لا يجيد الأداء مثله".وفي الواقع كان الرئيس الأميركي يومذاك هو باراك اوباما الذي كان أداؤه حسب 14 من المؤشرات الاقتصادية الثاني طوال أربعة عقود، ولا يمكن قول الشيء ذاته عن فلاديمير بوتين في الميدان الاقتصادي في روسيا.
والجواب المؤكد حول كيفية أداء روسيا يتمثل في عملتها، وقد خسر الروبل الروسي أكثر من 50 في المئة من قيمته مقابل الدولار خلال السنوات الخمس الماضية ما جعله الأكثر ضعفاً بين العملات الـ 31 الأكثر تداولاً بعد البيزو الأرجنتيني، وذلك بحسب معلومات جمعتها وكالة بلومبرغ. (كانت رابع أكبر دولة في أميركا اللاتينية متخلفة عن السداد في معظم تلك الفترة). وبينما تعافت روسيا من تخلفها عن السداد في سنة 1998 شهد الروبل حالة ضعف حادة في سنة 2016 وعانى من أشد التقلبات والمضاربات في قيمته بعد عملة جنوب إفريقيا.وتعاني الدول ذات العملات الضعيفة بصورة مزمنة ضعفاً اقتصادياً واضحاً، بما في ذلك الانكماش في النمو وتسارع معدلات التضخم والحسابات الجارية والعجز في الميزانية مع ما يواكب ذلك من تعثر مشاريع الاسكان والأجور وفرص العمل، وفيما يجعل الهبوط المؤقت الصادرات أكثر تنافسية فإن الدول ذات الضعف العارض في أسواق الصرف تفتقر بشكل نموذجي الى التنوع الذي يعوض اقتصادها المتآكل. وروسيا ليست مستثناة في هذا النادي.وتعتبر روسيا في عهد فلاديمير بوتين ضحية للتداخل بين عملة غير مستقرة وبين ناتج محلي اجمالي ضعيف، وكانت روسيا في المركز الثاني في السنة الماضية بين مجموعة من 20 دولة من حيث أدنى معدلات نمو وعملة مع أعلى تقلبات حادة – بحسب معلومات بلومبرغ، وبالمثل فإن الناتج المحلي الاجمالي في روسيا أضعف أداء أوروبا الشرقية في السنوات الأربع الماضية وقبل استيلاء بوتين على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في مطلع عام 2014، وقبل عام 2013 حقق الاقتصاد الروسي نمواً بمعدلات أسرع من معدلات أوروبا الشرقية- بحسب معلومات بلومبرغ.ومنذ أن فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات اقتصادية على روسيا في أعقاب الاستيلاء على القرم تراجعت الأجور بمعدل وسطي من 2.3 في المئة شهريا وهو الاتجاه الأسوأ منذ سنة 2001 عندما كانت روسيا في طريقها الى الخروج من وضع العجز عن السداد وذلك وفقاً لوكالة بلومبرغ أيضاً. ويميل مسار نمو التوظيف الى التراجع مع فقدان روسيا نسبة 0.3 في المئة من فرص العمل شهرياً خلال السنوات الثلاث الماضية. وتعرضت قيمة الممتلكات في موسكو الى هزة أيضاً بعد هبوط متوسط التكلفة لكل متر مربع في تلك المدينة الى 3479 دولاراً وهو أدنى تقييم منذ سنة 2008. وعلى الرغم من كل قوتها المحتملة كدولة مصدرة للنفط فقد تراجع ميزان التجارة في روسيا بأكثر من 50 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية ليصل الى 10 مليارات دولار منخفضاً عن فائض بحوالي 22 مليار دولار، ويعني ذلك قرابة 30 في المئة أقل من معدل الميزان التجاري الشهري منذ سنة 2004 وقد نجم عن هبوط الصادرات بوتيرة أسرع من الواردات. وفي غضون ذلك، ازداد عجز الميزانية على شكل نسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي ليصل الى 3.89 في المئة خلال الربع الثالث الأخير وكان الأعلى منذ شهر ديسمبر 2010 كما أنه خلال أول تسع سنوات من هذا القرن كان لدى روسيا فائض في الميزانية مكنها من التعافي من التخلف عن السداد في سنة 1998.ولم يعمد بوتين الى استخدام تلك الفوائض من عوائد صادرات النفط في أول 14 سنة من القرن الحادي والعشرين عندما كانت أسعار النفط أكثر من 145 دولاراً للبرميل أو تنويع اقتصاد بلاده كما كان قادة الأعمال في ألمانيا وسويسرا وأميركا يأملون أن يفعل. وهكذا عندما هبط سعر النفط بأكثر من 50 في المئة خلال تسعة أشهر ابتداء من شهر يونيو من عام 2014 أثبت بوتين عدم قدرة على مواجهة التحدي الاقتصادي الذي كان يواجه بلاده.ثم أصبحت روسيا المؤسسة ظلاً لماضيها مع بقاء 7 شركات روسية فقط ضمن أكبر 500 شركة مدرجة للتداول العام منخفضة عن 10 شركات في سنة 2011، بحسب معلومات وكالة بلومبرغ. وحتى الأخبار الجيدة تحولت الى قاتمة ومثيرة للقلق، وطوال أكثر من عقد من الزمن منذ بدأت بلومبرغ بجمع تلك المعلومات تمكنت الـ 50 شركة التي تشكل مؤشر الأسهم الروسية ميسكس من تحقيق كمية من الأرباح تفوق ما لا يقل عن 800 من نظيراتها العالمية في مؤشر الأسواق الناشئة ام اس سي آي. كما بلغت الأرباح الوسطية الروسية عند 30 في المئة قبل الفائدة والضرائب حوالي ضعف سعر الأساس العالمي للربحية.وقد يتوقع المرء أن يندفع المستثمرون وراء تلك الربحية ورفع أسعار الأسهم ولكن ذلك لم يحدث، ويتبين ذلك من خلال متوسط نسبة السعر الى الربح في الشركات الروسية الذي بلغ 10 مقارنة مع 16 بالنسبة الى الشركات العالمية. وهذا يعني ببساطة أن المستثمرين العالميين لا يشاطرون دونالد ترامب ثقته في روسيا في عهد فلاديمير بوتين. * Mathew A.Winkler
حينما كان ترامب مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة أشاد ببوتين ورأى أن أداءه أفضل كثيراً من أوباما
الروبل الروسي خسر أكثر من 50% من قيمته مقابل الدولار خلال السنوات الخمس الماضية ما جعله الأضعف بين العملات الـ 31 الأكثر تداولاً بعد البيزو الأرجنتيني
العملة الروسية شهدت ضعفاً حاداً العام الماضي وعانت أشد التقلبات والمضاربات بعد عملة جنوب إفريقيا
الروبل الروسي خسر أكثر من 50% من قيمته مقابل الدولار خلال السنوات الخمس الماضية ما جعله الأضعف بين العملات الـ 31 الأكثر تداولاً بعد البيزو الأرجنتيني
العملة الروسية شهدت ضعفاً حاداً العام الماضي وعانت أشد التقلبات والمضاربات بعد عملة جنوب إفريقيا