لم تجد المواقف الانتخابية ذات الطابع الإنساني طريقاً لها في تعديلات اللجنة التشريعية البرلمانية على الاقتراح بقانون المقدم من النائب محمد هايف بشأن "حماية الحق في المواطنة والهوية الوطنية" برفض مادة تمنع مد أثر سحب الجنسية ممن حصل عليها عن طريق الغش أو الكذب أو التزوير، رغم أن هذه المادة كانت من المطالب السياسية والانتخابية الأساسية لأعضاء اللجنة قبل وصولهم إلى البرلمان، لتختلف مواقفهم داخل اللجنة وتكون متوافقة مع القاعدة القانونية "ما بني على باطل فهو باطل".

تعديل النائب هايف جاء رداً على ما تعرضت له أسرة النائب السابق عبدالله البرغش، بعد امتداد أثر سحب الجنسية إلى أكثر من 50 مواطناً ومواطنة اكتسبوها بالتبعية، وهو ما كان مثار رفض سياسي كبير ووعود انتخابية بتعديل القانون. وكانت الحكومة- بحسب ادعائها- أصدرت قراراً بسحب جنسية البرغش وأشقائه بموجب المادة 21 مكرر (أ)، التي تجيز لها سحب الجنسية في حالات الغش أو التزوير.

Ad

وتنص المادة الثالثة بالاقتراح الذي قدمه هايف على أن "قرارات السحب والإسقاط والفقد، شخصية، ولا تمتد آثارها إلى من يكون قد اكتسبها بطريق التبعية ممن صدر بحقه قرار السحب أو الإسقاط أو الفقد أو إلى أبنائه القُصّر، ويشترط أخذ رأي اللجنة العليا للجنسية وإدارة الفتوى والتشريع قبل صدورها"، لكن اللجنة أبدت تحفظها عنها مشترطة أن "يستثنى منها قرارات سحب أو إسقاط أو فقد الجنسية إذا كان سبب الحصول عليها جاء بناءً على غش أو أقوال كاذبة، ففي هذه الحالة يجب أن يمتد أثر القرار إلى من اكتسبها بطريق التبعية".

في مثل تلك القضايا الشائكة ما بين الموقف الإنساني والقانوني، يتحصن أعضاء "التشريعية" بدور اللجنة التي تنظر إلى الشكل الدستوري والقانوني لا الفني أو الموضوعي لما يقدم من اقتراحات بقوانين نيابية، غير أن الأمر في ملف الجنسية يبدو مختلفاً، إذ إن رفض اللجنة لتعديل هايف يعطي الحكومة حجة بسلامة قرارها بمد سحب الجنسية عن أسرة البرغش- إذا ما تأكدت حالة الغش أو التزوير قضائياً بحسب ادعاء الحكومة- وهو الأمر المرفوض نيابياً من الزاوية الإنسانية على الأقل، وهو ما يطرح تساؤلاً، كيف سيتعامل معه بقية النواب ولجنة الداخلية والدفاع البرلمانية تحديداً؟ فهل يتمسكون بالرأي الدستوري والقانوني لـ"التشريعية" أم يتجاوزون المعضلة القانونية بتفضيل الموقف الإنساني؟

يبقى القول، إن من أهم التعديلات التي جاءت في قانون الجنسية عبر اقتراح النائب هايف، تقييد يد الحكومة في سحب الجناسي إلا بعد حكم قضائي نهائي، وهو ما يُجمِع عليه أغلب النواب، وتبقى كرة قانون الجنسية الآن في ملعب لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية، فهل يستمر أثر السحب ويمتد إلى بقية الأسرة أم يكون شخصياً؟