«أعترف بأنني ظلمت مراكش في الرواية، تلك المدينة التي يوجد فيها أقدم الحدائق في العالم العربي، ولكن هذا كان واقعا ملموساً فكل هذا الجمال قتلته المدنية، وكانت الفكرة هي كيفية إزاحة هذا التلوث الذي شوه شكل المدينة»، بهذه العبارات برر ياسين عدنان ظلمه لمدينته، مشيراً إلى أن «الروائي قد يخاصم العالم والناس في بعض الأحيان في الكتابة الروائية، ولكن هذا لا يهم فقد يتصالح معهم في ما بعد». حول تحوله من كتابة الشعر والقصة القصيرة إلى الرواية أوضح: «تختلف الكتابة الروائية عن الكتابة الشعرية، فالكتابة الروائية لها ضوابط، يجب أن يأخذها الكاتب في الاعتبار»، لافتاً إلى أن التحول من الشعر والقصة القصيرة، لم يكن بالأمر الهين، بل جاء بعد محطات استمرت لسنوات، «بدأت كتابة رواية «هوت ماروك» على شكل قصة اعتقدت أنها لا تتعدى العشر صفحات، ولكني أعترف بأنني روائي مغرر به».
حول وصول روايته «هوت ماروك» الصادرة عن دار العين للنشر، إلى القائمة الطويلة لجائزة «البوكر» للرواية العربية، في دورتها العاشرة لعام 2017، أعرب ياسين عن سعادته، وقال: «لا بد للمتابع للجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، في السنوات الأخيرة، من أن يلاحظ التقدم الذي حققته الرواية المغربية، من ناحية حضورها في القائمة الطويلة، ففي السنوات الماضية كانت الأعمال لا تتعدى ثلاث روايات، ما يعني أن الرواية المغربية صار لها حضور كبير في المشهد العربي، وهو مكسب بالنسبة إلي وبالنسبة إلى الرواية المغربية.
متابعة نقدية
أشار الأديب والناقد شعبان يوسف، الذي أدار الندوة، إلى أن «هوت ماروك» رواية جديرة بالقراءة والمتابعة النقدية، مؤكداً أن البوكر هي من كسبت ياسين وليس العكس.أضاف: «تمكنت الرواية من اقتحام الواقع المغربي الراهن مشرحة أعطابه وعقده بشكل جريء وبأسلوب شيق وسلس، إذ عمد المؤلف إلى استثمار مهاراته في الكتابة التي مارسها منذ مدة، شعراً وقصة وكتابة المقال الصحافي، فجاءت روايته متمتعة بنضج على مستوى الاختيارات الجمالية.تابع: «تتمحور الرواية حول أسرة نزحت من البادية إلى حي عشوائي بضواحي المدينة، ثم سكنت بحي داخل سور المدينة هو الآخر مليء بالعشوائيات، لترمي الأقدار بالشخصية المحورية رحال لعوينة إلى الاستقرار وزوجته بحي المسيرة بضاحية مراكش المدينة، حي ظهر في الثمانينيات وأصبحت له هوية خاصة، في هذا الحي تجري فصول الرواية التي تنقل واقع حال المجال الصحافي في المغرب، وما يعتريه من خلل في رسالته النبيلة، وخضوع بعض ممتهنيه لأجندات توحي إليهم ما يعملون، من خلال «نعيم مرزوق» كاتب أعمدة الرأي بجريدة «المستقبل» و«أنور ميمي» رئيس تحرير الموقع الإخباري «هوت ماروك»، ذلك أن السارد جعل حضورهما ضمن أحداث الرواية مقروناً بتنفيذ التعليمات والأجندات، بعيداً عن أي حس لأخلاقيات المهنة أو للضمير المهني، وبذلك يمنحنا الراوي صورة واقعية نسبياً عن كيفية تحريك الرأي العام المغربي من خلال السلطة الرابعة».اعتبر شعبان يوسف أن «الكاتب نجح، إلى حد كبير، في جعل القارئ ينتبه إلى أن شخصيات الرواية ليست بالضرورة أبطالاً كما اعتدنا على البطولة، بل قريبة منا نلقاها باستمرار ونكاد نعرفها»... مشيراً إلى «أن الرواية توفقت في اختيار فضاء أحداثها، بحيث أفسح الروائي المجال للحفر في الأحياء الجديدة للمدينة، ما جعل نص روايته «هوت ماروك» سلساً وبسيطاً يجعلك تستمع وأنت تقرأه، كما أن كوميديا «هوت ماروك» لا مدينة فاضلة فيها ولا فردوس، فقط الجحيم». نبذة
ياسين عدنان، أديب وإعلامي مغربي، من مواليد مدينة آسفى، المغرب، عام 1970، يعيش منذ طفولته الأولى في مراكش ويعمل في الصحافة الثقافية العربية. بدأ حياته شاعراً وأصدر في مراكش سنة 1991 مجلة «أصوات معاصرة»، ثم منشورات «الغارة الشعرية» التي اعتبرت تكتلاً للحساسية الشعرية الجديدة في المغرب مع بداية التسعينيات، وله أربعة دواوين شعرية وثلاث مجموعات قصصية إضافة إلى كتاب عن مراكش، «مراكش: أسرار معلنة» (2008) بالاشتراك مع سعد سرحان، و«شهرزاد المغربية: شهادات ودراسات حول فاطمة المرنيسي» (2016).