شخصياً لا تربطني بأي مؤسسة ثقافية رسمية أي علاقة، ولا أطمح لأي مكسب فردي، سواء كان كبيرا أو صغيرا.

ما أطمح إليه لا يعنيني كشخص، إنما يعني ثقافة بلد ومسيرة ثقافية بدأت قوية وفتية، وكان من المفترض أن تستمر باتجاه طردي نحو مزيد من النضج والكمال. لكن الذي حصل، هو تراجع غير مبرر لهذه المسيرة، التي ساهم فيها عدد من رجالات التنوير والفكر في الكويت والعالم العربي.

Ad

المنطق الطبيعي للأشياء، هو أن يكون الجيل الحالي أكثر وعيا وتحصيلا علميا واحتكاكا مع العالم الخارجي، مقارنة بالجيل الذي سبقه والذي قبله. جيل أحمد العدواني وعبدالعزيز حسين وخليفة الوقيان والزملاء الذين ساهموا في وضع اسم الكويت على خارطة الثقافة العربية لم يخلفه للأسف جيل مماثل يحافظ، ولا نقول يطور، على ما قدمته هذه الأسماء.

المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب هو المؤسسة الحكومية التي حملت على عاتقها تطوير المنتج الثقافي والاهتمام بوضع خطط ثقافية تحفظ للكويت مكانتها العربية التي عرفت بها في العقود الماضية. لكن هذا المجلس ارتبط بوزارة الإعلام، ولم يجد ما يكفي من الهواء لكي يتنفس بشكل صحي، فتراجع كل شيء. واستطاعت الوزارة أن تحد من طموحه في العمل الثقافي، فجاءت كل فعالية له هزيلة، ابتداءً من معرض الكتاب العربي حتى مهرجان القرين. لم يكن للمجلس موقف واضح من الرقابة التي ترفع في كل معارض دول الخليج، ولم يهتم بالفعاليات التي يقدمها أثناء المعارض، والتي يتضاءل الإقبال عليها عاما بعد عام.

بالتأكيد من يدير المجلس هم موظفون وليسوا بالضرورة مثقفين وحملة فكر، كما كان الأمر في السابق، ونحن لا نملك أن نقسو عليهم، ولا على جيش الموظفين الذين يعملون معهم، لكننا أيضا نطمح لمن يجمع بين الثقافة والفكر والإدارة، ليدير هذا الصرح المهم. فلم يعد المجلس الوطني اليوم، بهيئته الحالية وانتمائه لوزارة الإعلام، يلبي طموح المجتمع ثقافيا وفنيا، والحل الأمثل هو ابتكار وزارة ثقافة، واستقلال العمل الثقافي عن الإعلام والرياضة.

المعضلة الأكبر أمام الحياة الثقافة، هي الحرية التي تجد تعريفا مختلفا بناء على الجهة التي تعرفها. ولاختلاف المشارب الفكرية في الكويت لن نتفق على تعريف بعينه، لذلك سيكون صراعا أبديا، وعلى من يتصدى للعمل الثقافي أن يؤمن بهذه الحرية، ويدافع عنها.

لا شك أن الأمين العام للمجلس علي اليوحة رجل محبوب ومخلص، لكن العمل الثقافي كان بحاجة لوقفة صارمة أمام ما تعرضت له الثقافة في السنوات الماضية. لقد تعسفت وزارة الإعلام في منع الكتب، وأصبحت الكويت بيئة طاردة للناشر والموزع وللمؤلف.