لم يعد الحراج مقتصراً على جانب التسوق وشراء المستلزمات فقط، بل امتد ليصبح متنفساً للوافدين، وخياراً من خيارات التنزه على جدول الأسرة الكويتية، يقضي فيه الآباء والأبناء وقتاً لطيفاً مستمتعين بالثقافات المتباينة، التي يتخللها إلى جانب الاطلاع على السلع والمنتجات المعروضة، كما تتوفر المطاعم والكافتيريات الشعبية، إضافة إلى وسائل تسلية الأطفال.وعلى الرغم من أنه السوق الشعبي الأول في الكويت، تجد فيه كل ما يخطر وما لا يخطر في بالك أيضاً، فإن رواده من جميع الطبقات، يرتاده الأغنياء والفقراء، المواطنون والوافدون لمواجهة نار ارتفاع الأسعار.
ينقسم الحراج إلى مظلات، وكل مظلة بدورها مقسمة إلى "بسطات" يعرض فيها البائع بضاعته، حيث يقوم بدور دعائي لجذب الزبائن عن طريق صوته الذى يجهر بـ"أرخص الأسعار وأفضل الخامات"، مستخدماً القواعد التسويقية التي تلعب على الوتر المادي لدى المسستهلك.أما أهم مميزات الحراج فهي "الفصال"، بخلاف المعتاد في مراكز التسوق، لا يوجد سعر ثابت لأي سلعة أو منتج فقط "إنت وشطارتك". قد تشتري منتجاً معيناً بدينار واحد، ثم يأخذه المشتري الذي يليك بنصف دينار، لأنه "أنصح" منك وأكثر إلماماً بمراوغات البائعين.كما تقام مزادات تمثل فرصاً كبيرة، فالمنتج الذي يساوي دينارين أو ثلاثة دنانير يصل سعره إلى نصف دينار في المزاد.في "متنزه" الحراج، يستقبلك بائعو العملات النادرة والقديمة، وتجار التحف والأنتيكات والمصنوعات النحاسية ذات الطراز التاريخي الأصيل، والأسعار في متناول الجميع، وستجد أسعاراً تضاهي الموجودة في المحلات الكبيرة، وأسعاراً أقل مما تتوقعه بكثير، ومع التجول قليلاً تغوص في بحر من السلع والمنتجات المختلفة، فهذا يبيع السجاد والمراتب، وذاك يعرض لعب أطفال، وعلى الجانب الآخر من يبيع مستحضرات التجميل الخاصة بالنساء، وثمة ركن لبيع الأجهزة الإلكترونية، وآخر خاص بالأخشاب بمختلف تفصيلاتها، وعلى الزاوية الأخرى يوجد قسم للإكسسوارات بجميع أنواعها، وقسم للأجهزة الرياضية والأدوات الكهربائية والأواني المنزلية، وآخرون يبيعون الملابس والأحذية "المستعملة"، كما أن العمال الآسيويين علامة بارزة في الحراج، حيث مهمتهم جر العربات المحملة بمشترياتك بواسطة حبل إلى سيارتك مقابل "ماتجود به يدك".
متعة وشمولية
التقت "الجريدة" بعض مرتادي الحراج، حيث قال الموظف في وزارة الصحة عبدالكريم طراد الشمري: دائماً ما أتردد على المكان في عطلة نهاية الأسبوع، وأبرز مميزات سوق الحراج انخفاض الأسعار التي تناسب الجميع سواء مواطنون أو وافدون، حيث إنها أقل من المحلات ومراكز التسوق الخارجية، مؤكداً أنه أصبح متنزها فضلاً عن أنه سوق تجاري.وأثنى الشمري على التطور الذي طرأ على السوق بتشييد مظلات للوقاية من حرارة الشمس وتزويده بالمطاعم و"الكافيهات"، مضيفاً أن الظاهرة الأبرز هنا هي الملابس المستعملة، قد يضطر البعض لشرائها بسبب حالته المادية الضعيفة.وأشار إلى أن السوق بحاجة إلى مساحات أكبر من حوله لاستيعاب عدد السيارات الكبير، التي أحياناً لايجد أصحابها مكاناً "يصفطون" فيه.أما المواطن جابر الرسلاني، فرأى أن السوق يلبي طلبات المواطنين وتتوفر به كل مستلزمات الحياة، التي يحتاجها الناس، بجانب خاصية التسلية والمتعة، بخلاف مراكز التسوق، التي تنقصها الشمولية وغالباً ما تتخصص في أشياء معينة، وطالب بتعميم الفكرة، ليكون هناك حراج في كل محافظات الكويت للتسهيل على المواطنين وتقليل الزحام، كما طالب بعزل الأشياء المستعملة عن الجديدة للتسهيل على المشتري.وجود خليجي
ولا تقتصر زيارة الحراج على المواطنين والوافدين فقط، بل أيضاً تمتد للخليجين وسط وجود دائم لهم، حيث قال تركي الهزيمي (سعودي الجنسية): "في كل زيارة للكويت أضع في برنامجي زيارة سوق الحراج، لاقتناء بعض الأشياء التي احتاجها خصوصا الأدوات المنزلية والكهربائية، كما أصطحب أسرتي معي لنستمتع جميعاً بالأجواء"، وأكد أن السوق عالمي وكل شيء موجود فيه، وهو منظم ومنضبط، لكنه بحاجة إلى التوسعة وإنشاء مواقف سيارات داخله بدلاً من استعمال العمال في نقل المشتريات إلى الخارج، كما أن الأسعار أقل من أي مكان آخر، "وعلى الرغم من أن بعض البائعين متمرسون، لكن لخبرتي في الفصال أحصل على حاجتي بالسعر المناسب". من جهته، أشار مينا ناصر (مصري الجنسية)، بائع أدوات نجارة، إلى أنه في فصل الشتاء يكون الإقبال كبيراً ويمثل الموسم بالنسبة للبائعين، بعكس الصيف، الذي يشهد إقبالاً أقل بسبب سفر المواطنين للخارج، ولفت إلى أن الزبائن من جميع الجنسيات ممن يأتون إلى السوق لانخفاض الأسعار ومعايشة الأجواء، موضحاً أن العمل بالسوق يكون من الأربعاء إلى السبت وباقي أيام الأسبوع تشهد مزادات على البضائع المستعملة.العمال يشكون: رسوم الرخص 3 دنانير يومياً
قال محمد شيفو (بنغالي الجنسية)، عامل بإحدى شركات التنظيف، أنهم يعانون الإهمال وعدم التقدير المادي للمجهود الذي يقومون به في سوق الحراج، موضحاً أنه يدفع للشركة التي يعمل بها 3 دنانير يومياً مقابل حصوله على الرخص الخاصة بالعمل في السوق، ويتمثل عمله في نقل المشتريات والبضائع إلى السيارات، عن طريق عربة صغيرة يجرها بيديه.وأكد أن الأجر، الذي يحصل عليه من الزبائن نظير خدمتهم ضعيف جداً مقارنة بالعمل الشاق الذى يقوم به، وذكر أنه مُطالب بدفع أجر الشركة، وتوفير متطلباته الشخصية، كما ناشد الجهات المسؤولة تخفيض هذا المبلغ كي يتمكن من توفير المال الكافي له ولأسرته التي تنتظر المصروف شهرياً.