روسيا وإيران ودول التعاون
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
هذا ناهيك عن انشغال الاتحاد الأوروبي بمشاكله الداخلية واحتمال وصول اليمين الفاشي لسدة الحكم في بعض دوله؛ مما يعني تهديد وجوده كمنظومة اقتصادية أمنية لا سيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد (البريكست) والتي يبدو أنها بدأت بإعادة صياغة سياستها في المنطقة، وتقديم نفسها من جديد كحليف استراتيجي لدول مجلس التعاون طمعاً في مزيد من الفرص الاستثمارية وصفقات التسلح الضخمة، وهو الأمر الذي أكدته رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" عندما شاركت في اجتماع القمة الخليجي الأخير. ومع الأخذ في الاعتبار أن إيران دولة مهمة في المنطقة، ولها وجود مباشر ونفوذ قوي في العراق وسورية ولبنان واليمن، هذا ناهيك عن أنه ليس من صالح شعوبنا استمرار حالة الشد والجذب، والتأهب والتوتر ووضع اليد على الزناد كما يقال، حيث إن التعاون وحسن الجوار هما اللذان يتيحان لشعوب المنطقة ودولها الالتفات إلى قضايا التنمية والتحديات المستقبلية. والسؤال المطروح هو: هل دول مجلس التعاون بحاجة إلى مزيد من الأحلاف العسكرية والأمنية التي تستنزف ميزانياتها العامة؟ كلا بالطبع، فدول مجلس التعاون الخليجي تحتاج أول ما تحتاج إليه البدء بإصلاحات سياسية ديمقراطية داخلية، تُدعّم أسس الدولة الوطنية المستقلة ومؤسساتها، وتعلي من شأن المواطنة المتساوية وسيادة القانون بحيث تنهي حالة احتكار السلطة والثروة، وتزيد من تماسك الجبهة الداخلية الضرورية لإقامة علاقات متوازنة مع الخارج، على أن يتبعها تنفيذ عملية تكامل اقتصادي وتنموي فيما بينها أولاً، تستهدف تحقيق تنمية اقتصادية مستقلة، ثم إقامة علاقات اقتصادية مع دول الجوار وبالذات إيران، وذلك على أساس التعاون المشترك وحسن الجوار، لا سيما أن إيران دولة كبيرة يجمعنا معها التاريخ والجغرافيا، ولديها فرص استثمارية كثيرة. كما أن إيران تعاني، في الوقت ذاته، مصاعب اقتصادية ومالية جمة لا يمكن حلها من دون ضمان استقرار سياسي-اجتماعي داخلي، وذلك لن يتحقق إلا بعد التخفيف من حدة اندفاعها العسكري في الإقليم تحت شعارات توسعية واستفزازية، ثم المبادرة إلى دعم السلم والانفتاح الحضاري على دول العالم وفي مقدمته دول الجوار الخليجي، فهل تستطيع روسيا الدولة الرأسمالية المندفعة إقناع حليفتها إيران بذلك بدلاً من العمل على إقامة أحلاف أمنية جديدة تستنزف ثروات شعوبنا وخيراتها؟