الوطن ملك للجميع، وتطويره والتخطيط لمستقبله ليسا حكراً على المسؤولين، بل إن بقاء الأوطان واستقرارها مرهونان بإخلاص كل فرد فيها، رئيساً أو مرؤوساً، ورؤيته لأسباب التقدم والنماء.ومن هنا كان واجباً علي أن أقدم دراستي التي بنيتها على رؤية شخصية لمواطن محب لوطنه ورجل أعمال حملته طبيعة عمله على أجنحتها وحلّقتْ به في سموات بلدان عدة بنت لنفسها مجداً بلغ عنان السماء، وحققت من التقدم والرفاهية لمواطنيها ما يفوق الأحلام.
ولما كانت "الجريدة" أفردت لي، مشكورة، صفحة كاملة لأنشر دراستي، في عدد الأحد الماضي، فقد رأيت أن أدخر مساحة خاصة في هذا المقال لأستكمل ما في جعبتي من مقترحات بشأن تطوير العمل في وزارات الشؤون والأوقاف والإعلام والإسكان والإدارة العامة للمرور ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية.ولنبدأ بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وتحديداً ظاهرة التفكك الأسري حيث ارتفعت معدلات الطلاق لتصل إلى 6 حالات من كل 10 حالات زواج، فلم نعد مثل ما كنا قبل النفط؛ عندما كان يعرف بعضنا بعضاً، وتجتمع العائلات بالفرجان مثل شرق وجبلة وحولي والسالمية والجهراء، وكان الجميع يعيش كأسرة واحدة، لذلك أقترح وبصفة عاجلة أن يكون في كل ضاحية من ضواحي الكويت مبنى يخصص كنادٍ اجتماعي شبيه بالجمعية التعاونية، يضم مسرحاً وسينما ومكتبة وملاعب، ويكون تحت إدارة أهالي المنطقة، مع عدم تدخل الدولة في شؤونه، حيث تقام فيه المناسبات العائلية، وفيه يتعرف الأهالي وعائلات المنطقة بعضهم على بعض، وأتمنى من الديوان الأميري أن يتبنى هذه الفكرة ويقوم بتنفيذها في إحدى الضواحي مثل مشرف أو ضاحية عبدالله السالم أو كيفان أو الجهراء كتجربة، أو أن يقوم أهالي المنطقة بالتبرع لإنشاء هذا المشروع الاجتماعي الحيوي، وأنا شخصيا مستعد لبدء التبرع بمبلغ 50 ألف دينار لبنائه في منطقة مشرف.أما بالنسبة إلى وزارة الأوقاف، ولأهمية يوم الجمعة لجميع المسلمين، حيث يجتمع فيه أكبر عدد من الناس لصلاة الجمعة في المساجد، وهو فرصة لتوعية الناس بأمور حياتهم، فيجب استغلال هذا اليوم لنشر الوعي والأخلاق، وتقع على الإمام في هذا اليوم مسؤولية تعليم الناس وتثقيفهم بأمور الحياة والأخلاق والتسامح. لأن خطب الجمعة كما نراها اليوم، للأسف، عبارة عن كلام مكرر، منذ أكثر من ألف سنة، فأنا مازلت أسمع الكلام نفسه منذ أكثر من خمسين سنة، كما ألاحظ أن بعض المصلين نائم والآخر سارح أثناء الخطبة، وأيضاً ألاحظ أئمة من الجاليات العربية أو الآسيوية بمنظر غير لائق، مما يفقد المصلين متعة الاستماع إلى الخطبة، فضلاً عن بعض الخطب التي تعلن البغضاء والدعاء على من يخالفنا في الدين والعقيدة.لذا، على وزارة الأوقاف الاهتمام باستقطاب وبناء جيل جديد من الأئمة يتمتع بالعلم والثقافة والفكر الديني الوسطي من الشباب الكويتيين للعمل كأئمة في المساجد براتب مجز وحوافز كافية، أسوة بأساتذة الجامعات.وبالنسبة إلى وزارة الإعلام ونظراً لدور الوسائل المرئية والمسموعة في بناء المجتمعات وأهمية دور التلفزيون والإذاعة، لذا ننصح بإرسال وفود إلى الدول المتقدمة وأخذ البرامج الهادفة في مجالات الطب والهندسة والزراعة والأسرة وجميع المجالات وترجمتها إلى العربية لنشرها في القنوات التلفزيونية المرئية والمسموعة، وذلك لنشر الوعي والعلم والثقافة وتعليم الأخلاقيات الحسنة لجميع فئات المجتمع، خصوصاً المدرسين والأطباء والمحامين والمهندسين، لبناء مجتمع مثقف واعٍ يحافظ على شعبه ووطنه، مع وقف البرامج والمسلسلات الهابطة التي لا تعود بالنفع على المجتمع. ومن أجل المساهمة في معالجة المشكلة الإسكانية أقترح على الدولة بيع أراض للقطاع الخاص بأسعار رمزية لتخطيط البنية التحتية وبناء مدن سكنية تبنى فيها بيوت بأسعار مختلفة حسب تكلفتها، منها الرخيص ومنها الغالي وتوزع على الشباب... لماذا ينتظر المواطن أكثر من 25 سنة لكي يحصل على بيت؟ يجب إعطاء القطاع الخاص مهمة توفير السكن للمواطن أسوة بمدينة الخيران التي تعتبر من المشاريع الجيدة، ودليلاً على نجاح القطاع الخاص في هذا المجال.أما فيما يخص مشكلة ازدحام الطرق فأقترح أن الاستعجال في تولي هيئة الطرق مسؤولياتها بدلا من الإدارة العامة للمرور، إذ إن أعمال هذه الإدارة فنية بحتة، مثل تخطيط الشوارع والقيادة وغيرها، حيث لا علاقة للمرور بوزارة الداخلية، وهذا متبع في أغلب دول العالم المتقدم، كما أرى ضرورة إنشاء جهاز فني يتكون من مهندسين وفنيين يكون دوره فهم وتصميم مداخل ومخارج الطرق وانسيابية الشوارع التي لا تتماشى مع سرعة السيارات، كذلك اللوحات والإرشادات المرورية الموجودة في الشوارع، وذلك لتعديلها وتحقيق الغاية من وضعها ليستفيد الجميع منها، ولتقليل حوادث المرور، فكثير من اللوحات لا يمكن قراءتها؛ إما بسبب صغر أحرفها أو لأنها مغطاة بالأشجار، مما قد يسبب حوادث خطيرة، وأقترح وضع برامج يومية لتثقيف الناس بأخلاقيات القيادة، وتكون بصفة دورية ومستمرة على مدار السنة في الإذاعة والتلفزيون.ولتخفيف زحام الشوارع والاختناق المروري أقترح أن تنشئ الجهة المسؤولة عن "المواصلات" ما بين 4 و5 شركات خاصة تكون مدعومة ماديا من الدولة، لتقوم هذه الشركات بتخصيص باصات حديثة ومكيفة ومناسبة لنقل المواطنين من مناطق سكنهم إلى مناطق محددة مثل العاصمة أو الشويخ الصناعية ومجمع الوزارت والعديد من المناطق الأخرى، وذلك مقابل اشتراك شهري رمزي 20 ديناراً على سبيل المثال، ويتم تخصيص مواقف للسيارات في مواقف الباصات، على أن تتوافر أيضا شركات خاصة للتاكسي تنقل المواطنين إلى مقر أعمالهم من مواقف الباصات، وتكون أيضا مدعومة من الدولة، كذلك توفير باصات لنقل طلبة المدارس والجامعة، على أن يكون خط سير جميع الباصات بما فيها النقل العام في حارات الأمان، وهذا الأسلوب متبع في جميع الدول الأوروبية والإمارات على سبيل المثال الخليجي، وهذا حل مؤقت لحين انتهاء مشروع المترو.وأخيراً لا بد من نظرة على حال "الخطوط الجوية الكويتية" الناقل الوطني التي أعتقد أنه ليس من العيب دمجها مع شركات طيران إحدى دول الخليج مثل الإماراتية أو القطرية أو الاتحاد مثلاً، لمدة 10 سنوات على الأقل للاستفادة من خبرات هذه الشركات، مما سيعزز خدماتها ويطوّر أسطولها، ويفتح لها آفاق الوصول الى أسواق عالمية جديدة، وهذا متبع في العديد من شركات الطيران، تماما مثلما فعلت العديد من خطوط الطيران باندماجها مع أحد الاتحادات التالية: Star Alliance, One World and Sky Team.كانت تلك أفكار عامة تجول في خاطري دوماً، وأنا أرى بلدي يتراجع في كل المجالات، في حين يتطور العالم من حولنا، وهي أفكار أطرحها للنقاش، فليس لأحد مهما أوتي من معلومات وتجارب أن يلم بكل هذه التفاصيل، لكني أدليت بدلوي لعل فيما كتبت فائدة للوطن وأهله والمقيمين فيه.
مقالات
إن أردنا لهذا الوطن البقاء
14-02-2017