العقل والمنطق في السياسة الخارجية!
في ظل الفوضى العالمية التي نشهدها اليوم وحجم الدمار الهائل الذي تشهده الكثير من الشعوب العربية، فإن الحكمة والعقل يجب أن يكونا المدخل الأول والأبرز في احتواء المشاكل واستبدالها بآفاق التعاون، ولتكن التجربة الأخيرة واستثمار المواقف الرسمية في كل من العراق وإيران مثالاً على غلبة العقل والمنطق على الانفعال والعاطفة!
ردود الفعل الرسمية التي تزامنت في كل من إيران والعراق تجاه ما تتعرض له دولة الكويت من إساءة أو انتقاد من بعض القطاعات الشعبية أو الأقلام الصحافية اتسمت بالحكمة السياسية وحرص الحكومتين الإيرانية والعراقية على علاقة طبيعية ومستدامة مع الجارة الصغيرة، بل إن التصريحات الواضحة والمباشرة امتصت بشكل كبير حجم المشكلة ونزعت فتيل أزمة قد ترمي لها بعض التيارات أو الشخصيات في البلدين الكبيرين، ومن الطبيعي أن تستقبل مثل هذه المواقف الرسمية بالإيجابية والترحيب من الجانب الكويتي.العلاقات الكويتية– الإيرانية وإلى حد مشابه العلاقات الكويتية- العراقية تمر بفترات حساسة جداً بسبب التراكمات النفسية، ووجود ملفات وقضايا يعتريها بعض التباين في الرؤى والتشخيص، ويضاف إلى تعقيد هذه العلاقات البعد الطائفي المحتدم أصلاً في المنطقة، ولذلك قد تنفجر بعض المواقف الغاضبة سواءً لأسباب تتعلق بالشأن الداخلي لهذه الدول أو لدواعٍ شخصية أو مواقف أيديولوجية وسياسية مسبقة، وتتضخم بفعل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أو في الميدان على شكل مظاهرات واحتجاجات وتغريدات، أو غيرها من وسائل التعبير من كلا الجانبين.
مثل هذه الحالة الشعبية بالتأكيد لا يمكن التحكم فيها أو توجيهها في مسار واحد نظراً للتعددية الفكرية والسياسية، تماماً مثلما نعيش في مجتمعنا، حيث تفاوت المواقف والآراء والتصريحات سواءً تجاه إيران أو العراق أو أي بلد آخر، ولعل هكذا توجه منتشر في الكثير من المجتمعات والدول حول العالم.في الوقت الذي يجب ألا نقلل من أهمية أسباب ودوافع انتقاد الكويت في الخارج، وخصوصاً في إيران والعراق، وضرورة فتح حوارات جادة لمناقشة أي قضايا خلافية مهما كانت درجة حساسيتها، إلا أن المواقف الرسمية الإيجابية تضفي حالة من الاطمئنان السياسي أولاً للاستمرار في تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع دوائرها، وثانياً النظر في أي قضايا محل الخلاف بأريحية وشفافية والحرص المشترك على احتوائها.كذلك نحتاج إلى تقوية الفهم المتبادل على مستوى النخب المثقفة، وجمعيات النفع العام، ومختلف القطاعات الشعبية لإذابة حواجز الشك والريبة، وبناء جسور الثقة والتواصل انطلاقاً من مبدأ الناس "أعداء ما جهلوا".منطقتنا العربية تسير في ظل أمواج عالية من التوتر والاحتقان، وتدور معها منطقة الخليج، وفي ظل الفوضى العالمية التي نشهدها اليوم وحجم الدمار الهائل الذي تشهده الكثير من الشعوب العربية، فإن الحكمة والعقل يجب أن يكونا المدخل الأول والأبرز في احتواء المشاكل واستبدالها بآفاق التعاون، ولتكن التجربة الأخيرة واستثمار المواقف الرسمية في كل من العراق وإيران مثالاً على غلبة العقل والمنطق على الانفعال والعاطفة!