في ثاني محطة بجولته الخليجية التي بدأها مساء أمس الأول، بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان زيارة رسمية إلى العاصمة السعودية الرياض مساء أمس، للقاء الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد الأمير محمد بن نايف، في قمة تكتسب أهمية خاصة نظراً إلى أنها أول لقاء بعد عقد الدورة الأولى لمجلس التنسيق التركي السعودي في العاصمة أنقرة قبل 7 أيام.وقالت وكالة "الأناضول" التركية، إن القمة تدشن عهداً جديداً من التعاون بين البلدين، كما أنها أول قمة بين الزعيمين بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحكم في 20 يناير الماضي، مما يستلزم تنسيقاً بين البلدين بشأن ملفات إقليمية من بينها سورية واليمن والعراق.
وهذه أول قمة تعقد بين الزعيمين خلال عام 2017، بعد 8 قمم تركية سعودية خلال عامي 2015 و2016، جمعت الرئيس إردوغان بقادة السعودية، بينها 5 قمم مع الملك سلمان وقمتان مع ولي العهد، الأمير محمد بن نايف، إحداهما في نيويورك، 21 سبتمبر 2016، والثانية بأنقرة في 30 من الشهر نفسه، إضافة إلى قمة مع ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، في مدينة هانغتشو الصينية، يوم 3 سبتمبر 2016.ولفت الرئيس التركي، خلال مؤتمر عقده بمطار "أتاتورك" الدولي بمدينة إسطنبول، قبيل بدء جولته الخليجية التي يختتمها غداً في قطر، إلى أن بلاده تنظر إلى علاقاتها مع السعودية من زاوية استراتيجية، خاصة "وأننا نولي أهمية بالغة لأمنها واستقرارها".
اتصال وتكريم
وكشف الرئيس التركي، أن الملك سلمان، كان أول زعيم اتصل به بعد الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا، يوليو الماضي، وأكّد وقوف بلاده مع أنقرة.وجاءت تصريحات إردوغان خلال كلمه له بمعهد السلام الدولي في المنامة حيث قلده العاهل البحريني الملك حمد بن خليفة، وسام عيسى بن سلمان، وهو أرفع وسام يمنح في المملكة "تقديرا واعتزازا لجهوده ومواقفه في خدمة ورفعة الأمة الإسلامية وحماية المكتسبات الإنسانية".وبحث العاهل البحريني مع الرئيس التركي الذي وصل مساء أمس الأول إلى المنامة العلاقات الثنائية بين البلدين والقضايا ذات الاهتمام المشترك والتطورات الجارية إقليميا ودوليا.وقال الملك حمد في كلمة له اثر المباحثات إن زيارة الرئيس التركي تكتسب أهمية لما يربط بين مملكة البحرين والجمهورية التركية من علاقات قوية راسخة ولما يمتلكه البلدان من إرادة مشتركة لتوسيع مجالات التعاون وفتح أفق أوسع للعلاقات.من جهته أعرب إردوغان عن سعادته بتقلد الوسام وأكد وقوف تركيا إلى جانب البحرين في السراء و الضراء والعمل من أجل استقرار المنطقة وامنها.وعقب المباحثات تم توقيع عدد من الاتفاقيات تتعلق بجوانب الاعفاء من رسوم التأشيرة واتفاقيات تتعلق بالجوانب التعليمية والصناعة العسكرية.مدن الإسلام
وانتهز الرئيس التركي كلمته التي ألقاها أمس، عقب لقاء مغلق مع رئيس وزراء البحرين خليفة بن سلمان لتوضيح رؤيته بشأن أوضاع منطقة الشرق الأوسط والبلدان التي تعيش واقعا مريرا بسبب الحروب الأهلية والإرهاب. وجدد إردوغان، رفضه ذكر الإسلام بجانب الإرهاب، مؤكداً أن "الإسلام لا يقبل التطرف".وقال إن "داعش إرهابي، لأن ديننا دين سلام، ولكن التنظيم ينشر الإرهاب ويقتل الناس العزّل دون رحمة. داعش الوجه الأسود للمسلمين، وسمعة المسلمين تشوهت في كافة أنحاء العالم جراء ذلك، ونحن لا نستحق ذلك".وأعرب إردوغان عن أسفه لكون "المسلمين يستنزفون بعضهم في سورية والعراق وليبيا واليمن وفي كثير من الأماكن الأخرى".وأضاف: "نتابع معا كيفية تحويل أبرز مدن الحضارة العربية والإسلامية إلى مسارح للمنظمات الإرهابية، والقوى الأجنبية وحروب الوكالة والاستنزاف، وبينما ضمير الانسانية صامت، يتربص الأقوياء من جهة، ويذرف المراؤون دموع التماسيح من جهة أخرى".ورأى أنه "ليس هناك أي ضمانة لئلا يصيبناً مستقبلاً؟ ما يصيب إخوتنا في سورية والعراق وليبيا اليوم، لذلك يجب علينا التحرك مباشرة وليس لاحقًا"، مشدداً على أن "الوقت قد حان من زمن للتحرك سويًا من أجل مستقبل العالم الإسلامي بأسره وحتى الإنسانية، ولا يمكن لأي بلد أو مجتمع أن يفكر براحته ومستقبله فقط، عندما يتعرض إخوانهم للظلم ممن يتجهون لنفس القبلة ويتحدثون نفس اللغة".مناطق سورية
وبخصوص عملية "درع الفرات" التي تشنها بلاده لدعم المعارضة السورية المسلحة، قال إردوغان "جعلنا مساحة ألفي كم مربع منطقة آمنة، بينما كان يسرح ويمرح فيها الإرهابيون قبل بضعة أشهر، لكن ذلك لا يكفي، نرمي إلى إنشاء منطقة خالية من الإرهاب بشمالي سورية مساحتها على الأقل 4 أو 5 آلاف كم مترمربع".وعن الخطط المستقبلية قال إردوغان "نتجه في المرحلة المقبلة إلى الرقة ومنبج، وسنسعى بالتعاون مع التحالف الدولي إلى تشكيل منطقة آمنة يعيش فيها اخواننا العرب والتركمان".من جانب آخر، وصف الرئيس التركي استمرار إسرائيل في سياسة التوسع الاستيطاني، بالمستفز، وأكد أن انهاء الحصار والاستيطان على الأراضي الفلسطينية، شرط أولي للسلام الدائم والاستقرار في الشرق الأوسط.