مجلس التعاون بين اليمن وسورية
لطالما تساءلنا كباحثين عن خريطتنا الذهنية، كيف نقرأ الأحداث؟ وكيف نستقبل تصريحات المسؤولين؟ وهل نأخذ اجتماعات المسؤولين بشكل جدي ونطابقها مع بياناتهم الختامية؟ تتجه اجتماعات مجلس التعاون في أيامنا هذه لتحدد خريطة الطريق للتحرك الخليجي تجاه العديد من القضايا، وقد كانت لي فرصة المشاركة بأحد الاجتماعات بمدينة الرياض قبل فترة، لأبدي وجهة النظر في العديد من القضايا، وقد عدت مرة أخرى لأشارك بمؤتمر حول الخليج والعالم، وفي كل اجتماع وورشة عمل يتفق الحضور على مناورات "الاحتواء الدبلوماسي" الفعلي لدول الخليج مع بعضها، أبرزها التحرك الدبلوماسي الفاعل إبان الغزو العراقي لدولة الكويت، ومن ثم المطالبة بمعرفة مصير الأسرى الكويتيين، يليها عام 2000 عندما اتجهت المطالبات الخليجية للدعم المطلق لحق دولة الإمارات العربية في سيادتها على جزرها الثلاث ومياهها الإقليمية وجرفها القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة لجزرها.
وانعكس ذلك أيضاً على البيانات الختامية لمؤتمرات دول التعاون، والتي أصبحت تنتقل بين بالشأن الإقليمي والعربي، أبرزها مبادرة السلام التي طرحها المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز على القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002، واستمر بعدها ملف خلو منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج من كل أسلحة الدمار الشامل. ووسط تساؤل البعض حول الفترة الحالية ودور مجلس التعاون في التفاعل مع الأحداث التي فرضت نفسها على الساحة العربية والإقليمية، اتضح لنا أن قضية اليمن تحتل الصدارة في الوقت الحالي، بعدما انطلقت شرارة الحرب ووضع اليمن المرشح السابق للانضمام لمنظومة التعاون على خط النار. وتفاعلت دول الخليج مع اليمن وأقرت المبادئ الخمسة حول قضية اليمن عام 2011، والتي تناولت نقل صلاحيات الرئيس اليمني إلى نائبه وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعطاء المعارضة الحق في المشاركة لتسيير الأمور سياسيا وأمنيا واقتصاديا، تتبعها إجراءات وضع الدستور والانتخابات، فأطلق آنذاك السياسيون العنان لأحلامهم، واعتقدوا أن النموذج سيرى النور، بل سيتم تسويقه دوليا لحل الأزمة السورية. فما الذي حدث؟ وما سر تباطؤ الآلية التنفيذية لدول الخليج فيما يخص الأزمات؟ وهل توقفت مبادراتنا عند الاقتراحات فقط؟ الفترة القادمة ستفرض علينا تدريب السواعد الدبلوماسية تدريبا جيدا لوضع آلية تنفيذية لإنقاذ المنطقة من أزمات داخلية وخارجية، ولتنفيذ خطط السلام.