يعود الجدل الدائر حول موعد وأسباب ظهور الفقاعات بأسواق المال إلى زمن بعيد، وربما لم تنس ذاكرة الأسواق -حتى الآن- أزمة «زهور التوليب» الهولندية في ثلاثينيات القرن السابع عشر، التي تخطت قيمتها أسعار العقارات آنذاك.

وفي الوقت الراهن ما زال النقاش في أوساط الاقتصاديين قائماً حول القدرة على تحديد فترة امتداد الفقاعات أو موعد انقضائها بالفعل، قبل أن تتسبب بأضرار واسعة النطاق، كما حدث خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008.

Ad

لكن البعض يقول إن الأسهل مراقبة هذه الفقاعات، فحتى جنون «التوليب» ربما نجم عن انحرافات بصياغة العقود سمحت للمضاربين -في أسوأ الظروف- بالابتعاد مع خسائر صغيرة للغاية، بحسب تقرير لـ»الإيكونوميست».

ما يهم المستثمر

- بالنسبة لكثير من المستثمرين، السؤال الأهم هو: هل يمكن تجنب الانجرار إلى الفقاعة وتفادي انهيار بنسبة 80 في المئة كما حدث لمؤشر «ناسداك « في الفترة ما بين ربيع عام 2000 إلى صيف 2002.

- أكد كتاب «تاريخ الأسواق المالية: تأملات في الماضي لمستثمري اليوم» صعوبة تحديد توقيتات البيع أو الشراء، فيما عرف الاقتصادي «ويليام غوتزمان» الفقاعة بأنها «تضاعف في قيمة السوق يليه هبوط بنسبة 50 في المئة».

- بالنظر إلى تاريخ 21 سوقاً مالياً منذ عام 1900 وجد «غوتزمان» أن 6 حالات من أصل 72 حالة شهدت تضاعف القيمة السوقية على مدار السنة الثانية أيضاً وليس فقط خلال السنة الأولى.

- كانت هناك العديد من المناسبات التي تضاعفت فيها القيمة على مدى ثلاث سنوات (حوالي 14 في المئة من مجموع الحالات) وبعد هذه الارتفاعات انخفضت الأسواق بمقدار النصف خلال العام اللاحق بمقدار واحدة من كل 20 حالة.

- الأسواق، التي فقدت نصف قيمتها خلال خمس سنوات بلغت 1 إلى 10، لكن خُمس هذه الحالات شهد تضاعفاً مرة أخرى، لذلك يعتبر الارتفاع الحاد إشارة شراء عادة، ما يفسر صعوبة خروج المستثمرين وقت الذروة.

اختلاف الرؤى

- قد يختلف البعض حول صحة تعريف «غوتزمان» للفقاعات خصوصاً أنه يركز على السوق بشكل عام بدلاً من القطاعات.

- يرى صندوق إدارة الأصول «GMO» أن الفقاعة تحدث عندما يرتفع سعر الأصل بأكثر من انحرافين معياريين أعلى آخر اتجاه طويل المدى للأصل.

- ثمة نهج آخر يرتكز على الأساسيات، فمن المفروض أن تعكس أسعار الأصول القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، ومن الناحية النظرية قد يعكس تضاعف قيمة السوق التحسن المفاجئ في آفاق هذه الفئة من الأصول.

- يرى المدير التنفيذي لـ»AQR» لإدارة الأصول «آنتي إلمانن» أن نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة دورياً يمكن من خلالها تحديد التوقيت في السوق.

- شراء الأسهم في السوق الأميركي، عندما كانت أرخص تبعه تحقيق عائد سنوي حقيقي بنسبة 13 في المئة على مدى السنوات العشر التي تلت ذلك، بينما الشراء عندما كانت أغلى، نتج عنه عائدات بنسبة 3.5 في المئة فقط.

تحديد التوقيت

- المشكلة هي أن التقييم التاريخي الكامل لا يصبح متاحاً إلا بعد فوات الأوان، فمثلاً المستثمرون خلال الثلاثينيات الماضية، لم يعرفوا آنذاك أنهم سيشترون الأسهم عند أرخص مستوياتها في القرن العشرين.

- بدا السوق الأميركي مبالغاً فيه وفق قياس نسبة السعر إلى الأرباح المعدلة دورياً خلال تسعينيات القرن الماضي، وليس فقط في مرحلة الذروة.

- ابتكر «إلمانن» أسلوباً بسيطاً للتوصل إلى ما إذا كانت نسب الأسعار إلى الأرباح المعدلة دورياً استخدمت من قبل المستثمرين لتحديد التوقيت في الأسواق منذ عام 1900.

- تبين أنه خلال هذه الفترة كاملة تفوق هذا التكتيك بشكل ملحوظ على استراتيجية «الشراء والاحتفاظ»، لكن هذا التفوق حدث خلال النصف الأول من المدة بينما بدأ الاعتماد عليه يتراجع في آخر 50 عاماً.

- لم تكن هذه الطريقة أو تضاعف قيمة السوق أو الارتفاعات التاريخية للقيمة إشارات موثوقة للبيع، وبطبيعة الحال إذا كان تحديد التوقيت في السوق سهلاً فإن تقلبات الأسعار ما كانت لتحدث.