قدم مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي مايكل فلين أمس الأول استقالته وسط جدل حول اتصالاته مع الحكومة الروسية، بعد أقل من أربعة أيام على كشف الصحافة عن هذه المحادثات الحساسة التي أجراها في حين كان باراك أوباما لا يزال رئيساً.

وتشكل هذه الاستقالة أول مغادرة مفاجئة لشخصية من الدائرة المقربة للرئيس دونالد ترامب بعد أقل من شهر على تنصيبه رئيسا، وسط معلومات مفادها أن فلين بحث استراتيجية العقوبات الاميركية مع السفير الروسي في واشنطن قبل تسلمه مهامه.

Ad

وبحسب «قانون لوغان» وهو تشريع تم تبنيه في عام 1799، يحظر على المواطنين غير المخولين، التفاوض مع حكومات أجنبية على خلاف مع الولايات المتحدة.

وأقر فلين في رسالة استقالته بأنه خلال الفترة الانتقالية السابقة لتنصيب ترامب رسميا «قمت عن غير قصد بإطلاع نائب الرئيس المنتخب مايك بنس وأشخاص آخرين على معلومات مجتزأة تتعلق باتصالاتي الهاتفية مع السفير الروسي».

وعملياً، وفيما كانت إدارة أوباما تستعد لفرض عقوبات على روسيا في نهاية ديسمبر بسبب تدخلها المفترض في الانتخابات الاميركية، أبلغ مايكل فلين السفير الروسي سيرغي كيسلياك بأن الرئيس المنتخب ترامب سيكون أقل تشددا.

وبحسب صحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» اللتين كشفتا الجمعة الماضي عن هذه المعلومات، فإن مثل هذه المحادثات تعتبر غير مشروعة. وقالت الصحافة الاميركية أمس الأول أيضا، إن وزارة العدل الأميركية حذرت البيت الأبيض من أن هذا الخطأ الذي ارتكبه فلين يمكن أن يجعله عرضة لمحاولات ابتزاز روسية.

كيلوغ في الخدمة

وعين البيت الأبيض على الفور الجنرال المتقاعد جوزف كيلوغ لتولي هذا المنصب الاستراتيجي بالوكالة. وخدم كيلوغ في فيتنام وكمبوديا وبنما وفي الخليج. وخلال حرب العراق، ساعد في إدارة سلطة الائتلاف التي أدارت البلاد في عامي 2003 و2004، قبل أن يتحول الى متعاقد مع وزارة الدفاع، بحسب بلومبرغ.

وأخيراً، قدم كيلوغ خدمات استشارية لترامب في قضايا الأمن القومي خلال حملته الانتخابية، وأشير إلى أنه سيعين في منصب كبير الموظفين والسكرتير التنفيذي لمجلس الأمن القومي الأميركي.

ترامب يقيّم

وكان الناطق باسم البيت الابيض شون سبايسر قال في وقت سابق، إن «الرئيس يقيم الوضع ويتحدث مع نائب الرئيس وعدة اشخاص آخرين»، في حين صبت الصحافة انتقاداتها على فلين. وفي رد على سؤال عما إذا كان الرئيس ترامب على علم بأن فلين بحث مسألة العقوبات مع السفير الروسي، نفى شون سبايسر بشكل قاطع ذلك قائلا «على الاطلاق لا».

واعتبارا من أمس الأول طالب الديمقراطيون في الكونغرس باستقالة الجنرال السابق بسبب هذه الاتهامات التي تثير الذهول في حين لزم الجمهوريون الصمت.

والواقع المؤكد هو أن مستشاري ترامب لم يدافعوا عن فلين خلال نهاية الاسبوع. واستغرق الأمر حتى بعد ظهر أمس الأول لكي يقول أحد المقربين من ترامب لشبكة «ام اس ان بي سي»، إن الجنرال السابق «يحظى بثقة الرئيس التامة».

وفلين، الجنرال المتقاعد والرئيس السابق لاستخبارات الدفاع، هو مستشار مقرب من ترامب منذ بداية حملته لانتخابات الرئاسة.

إلا أن اختياره مستشارا للامن القومي كان موضع جدل، حيث قال كثيرون في اجهزة الاستخبارات الاميركية، انه غير مناسب لهذا المنصب الحساس، وأشاروا الى انه أقيل عندما كان مديرا لاستخبارات الدفاع بعد عامين بسبب إدارته السيئة.

ويعتبر فلين التطرف الاسلامي أكبر تهديد للاستقرار العالمي، وقال ان على واشنطن وموسكو التعاون في هذه القضية.

وتحقق وزارة العدل الاميركية والكونغرس في علاقات محتملة بين مستشاري حملة ترامب وموسكو، وتوصلت الى ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدار شخصيا عملية للتدخل في الانتخابات الرئاسية.

الكرملين: ليس شأننا

من جهته، صرح المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أمس بأن استقالة فلين «قضية داخلية للولايات المتحدة، وقضية داخلية لادارة الرئيس ترامب. هذا ليس شأننا»، مضيفا «لا نرغب في التعليق على هذه القضية بأي شكل»، في حين اعتبرت النخبة السياسية الروسية هذه الاستقالة ضربة موجهة إلى العلاقات الروسية الاميركية.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب (الدوما) ليونيد سلوتسكي: «هذا الوضع يعتبر اشارة سلبية لعودة الحوار الروسي-الاميركي»، في وقت وصلت فيه العلاقات بين واشنطن وموسكو الى ادنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.

وندد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الاتحاد كونستانتين كوساتشيف بضغوطات تمارس على ترامب.

الهجرة

وفي شأن آخر، رفض القاضي الفدرالي في سياتل الذي علق تطبيق مرسوم ترامب حول الهجرة، أمس الأول طلبا من محامي ترامب لتأخير النظر في جوهر القضية. وقال القاضي جيمس روبارت: «لست مستعدا لإبطاء الإجراءات».

كما أصدرت قاضية اتحادية بولاية فرجينيا الأميركية أمرا مؤقتا بتعليق تنفيذ حظر السفر.

وجاء الحكم الذي أصدرته القاضية الجزئية الأميركية ليوني برينكيما، استجابة لطلب من ولاية فرجينيا. وقالت برينكيما إن وزارة العدل ردت على طلب التعليق الذي قدمته فرجينيا بالقول «لا يوجد دليل».