هايف يحيي مشروع «أسلمة» القوانين
طالب النواب بتوقيع طلب لتعديل المادة 79 من الدستور
• العزب: يحتاج إلى الرجوع للمقام السامي
• النصف: نرفضه... والكويت دولة متعددة المذاهب
• العدساني: سبق أن رفضته
• عمر الطبطبائي: نستغرب الطرح
• «التحالف»: يناقض الديمقراطية
ما أشبه الليلة بالبارحة، فقد أحيا النائب محمد هايف مطلب الأغلبية النيابية في مجلس الأمة المبطل الأول بأسلمة القوانين، عبر إعلانه أنه أعد طلباً لتعديل المادة ٧٩ من الدستور، لتكون القوانين متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. ورغم أن هذا التعديل الذي قُدِّم في فبراير ٢٠١٢، لقي رفضاً مفصلاً من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، فإن هايف طالب، في كلمته أثناء مناقشة الخطاب الأميري في جلسة مجلس الأمة أمس، النواب بتوقيع طلب لتعديل هذه المادة من باب «ولربك عليك حق»، مؤكداً أن هذا الطلب سيقدم اليوم وسيكون جاهزاً للتوقيع عليه.وأوضح أن التعديل يضيف إلى المادة ٧٩، بعد موافقة المجلس ومصادقة الأمير، أن تكون القوانين «موافقة للشريعة الإسلامية»، مضيفاً: «سنطالب في كل مجلس بتطبيق الشريعة لنحد من الأحكام غير الشرعية التي تقدم من النواب أو الحكومة».
وفي تصريح له عقب الجلسة، قال هايف إنه تقدم بتعديل هذه المادة تحديداً، لا المادة الثانية «تجنباً للإثارة والتشكيك»، مستنتجاً: «بما أننا كلنا مسلمون، فبالتالي لا يُتَوقع من أي نائب أن يرفض هذا التعديل أو يخسر شرف توقيع الطلب». بدوره، أكد وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. فالح العزب أن «تعديل الدستور ليس بالأمر الهين أو البسيط، ولا يمكن أن يكون حديثاً عابراً»، مبيناً أن هذا الأمر «يحتاج إلى رأي عام وموافقات كثيرة، فضلاً عن الرجوع إلى المقام السامي». من جهته، أعلن النائب راكان النصف رفضه التام للتعديل المقترح من أجل «أسلمة» القوانين والتشريعات، مشدداً على أن «التشريعات في الكويت يجب أن تكون موائمة لجميع السكان في الدولة، بمختلف أديانهم وطوائفهم».وقال النصف، في تصريح، إن «التعديل الدستوري الذي سيقدمه الأخ النائب محمد هايف يخالف أساساً فلسفة الدستور في التعديل، والذي نص على أن يكون التعديل لمزيد من الحريات»، لافتاً إلى أن أسلمة القوانين بقوة الدستور أمر يخالف المادة 35 التي تنص على أن «حرية الاعتقاد مطلقة، وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان طبقاً للعادات المرعية، على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب». وشدد على ضرورة الفصل بين الدين ومؤسسات الدولة وقوانينها، مؤكداً أن «الدولة يجب أن تكون جامعة لكل الطوائف والأديان، ولا تقتصر تشريعاتها على دين دون آخر، أو يُجبَر الآخرون على تطبيق قوانين قد تخالف أديانهم ومذاهبهم».وبينما أوضح أن المجتمع الكويتي «متعدد المذاهب الدينية، وعلى الجميع حماية حريات الاعتقاد من التدخل السياسي»، لفت إلى أنه سيدعم أي توجه يزيد حريات الممارسات الدينية، بوصفها شأناً خاصاً، رافضاً أي توجه لأسلمة القوانين وقصرها على طائفة واحدة.ولم يقف رفض طلب هايف عند النائب النصف، إذ رفضه كل من النواب رياض العدساني، وعمر الطبطبائي، وخليل الصالح، حيث أكد العدساني أنه سبق أن وقف ضد تعديل المادة 79 من الدستور في مجلس 2012 المبطل، مشيراً إلى أن الدستور بمواده الحالية لا يمنع تشريع القوانين الإسلامية وإقرارها.وأكد النائب عمر الطبطبائي أن أغلبية نواب الأمة استغربوا طرح مسألة تعديل تلك المادة في جلسة أمس، مشيراً إلى «أننا نعيش في دول مدنية يحكمها الدستور، وسبق أن رفض صاحب السمو هذا التعديل».أما النائب خليل الصالح فرأى أن «الدستور واللائحة الداخلية بالمجلس كفلا للنائب حرية التعبير وقول ما يريد، حتى فيما يتعلق بطرح البعض مسألة تعديل الدستور، وهذا الأمر لن يتجاوز النقاش العام، ويبقى مجرد رغبات نيابية، لاسيما مع الاستقرار الذي يعيشه البلد».وعلى صعيد المجتمع المدني، استغرب التحالف الوطني إعادة طرح طلب تعديل المادة 79 من الدستور لأسلمة قوانين الدولة رغم رفضها مسبقاً من قبل سمو أمير البلاد، لافتاً إلى أن «التعديل يحول الكويت إلى دولة دينية، في وقت نطالب فيه بالمزيد من الحريات واستكمال أسس الديمقراطية والعلمانية».وقال الأمين العام للتحالف الوطني بشار الصايغ إن «التعديل المزمع تقديمه من قبل النائب محمد هايف يأتي في وقت يأمل الشعب من المجلس الحالي أن يلتفت إلى الأولويات التي تحتاجها الدولة والمواطنون من إصلاحات تشريعية لقوانين تصادر وتقيد الحريات، وأخرى تضع العصا في دولاب بناء بيئة اقتصادية تخدم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن أزمة الرياضة وتعليق المشاركات الدولية، وقضايا أخرى تحتاج إلى تعاون نيابي حكومي».واعتبر الصايغ، في تصريح، أن هذا التعديل «يمثل انتكاسة خطيرة للديمقراطية والدولة المدنية»، لافتاً إلى أن «الدستور الحالي لا يمنع تشريع قوانين وفق الشريعة الإسلامية، ولكنه لا يفرض هذه الضوابط بقوة الدستور نظراً لطبيعة المجتمع المتعدد الأطياف والمذاهب».وشدد على أن هذا التعديل «يستبدل التشريع القانوني بالفتاوى الدينية، ويفرغ مواد الدستور من محتواها، ويجعل الدولة رهينة الفتاوى والإسلاميين فقط، كما يصادر آراء الآخرين وتنوعهم الديني والفكري وحقوق الأقليات»، داعياً النواب للالتفات إلى الأولويات الحقيقية الملحة التي يحتاجها المجتمع، وعدم تكرار أخطاء الماضي.