للمرة الألف تضيع بوصلة مجلس الأمة ويمسك الحبة ويترك الدبة، في كل مرة ينزل النواب للانتخابات وسقف المطالب والإصلاح للسماء ونسمع خطبا ووعودا بمحاربة الفساد، والحفاظ على الدستور، والضمانات الديمقراطية، والمساواة، وتقديم الكفاءة واختيار الأفضل، وإيقاف العبث بموارد الدولة، والتصدي للمعتدين على المال العام، وغيرها من الوعود التي يحتاجها الوطن والمواطنون، ولكن ما إن تبدأ أول جلسة حتى يتلقف النواب أول طُعم يلقى أمامهم ليتركوا كل شيء ويتمسكوا بهذا الطعم.بالله عليكم أيها أهم مستقبل البلاد وحالتها الاقتصادية والحريات والتعدي على موارد الدولة أم كرة القدم؟ ألا ترون اللعبة تتكرر وأنتم تبلعون الطعم في كل مرة حتى تنتهي مدة المجلس، ونحن أكثر فساداً وتأخرا وانتهاكا للدستور؟ ألا تعون الملعوب أم أنكم لا تملكون القدرة على مواجهة الواقع فتتلقفون أي مشكلة لتغوصوا فيها وتضيع البلاد وقضاياها المهمة أمام أصغر المشاكل؟
ليت مجلس الأمة، حين تبدو أي مشكلة صغيرة كانت أو كبيرة، يكلف لجنة خاصة بها، ويلتفت للقضايا الأهم، ويحدد أولويات هذه القضايا ومواعيد الانتهاء منها بعد ترتيبها حسب الأهمية والتأثير. إنكم جميعا حددتم هذه الأولويات في برامجكم الانتخابية والشعب ممثل بالناخبين وكتّاب الرأي ودواوين الكويت كلها تدعوكم لتبني هذه الأولويات، خصوصاً أن البلاد تمر بأوضاع سياسية واقتصادية استثنائية، تحتاج لقوانين ومشروعات لا تستقيم إلا بالعمل الجاد الدؤوب والمخلص، ووضع حد لانتهاكات المال العام واستشراء الفساد، ولا يمكنكم القيام بكل هذا إلا برأي عام حر يسندكم مما يستدعي العودة لكل القوانين المخلة بحرية الرأي؛ لتعملوا على رفع سقف الحريات حتى تسمعوا بصوت جلي وواضح رأي الشعب فيما يدور في بلدنا الحبيب، ألا يحزنكم ويقض مضاجعكم هذا العدد من السياسيين وأصحاب الرأي في السجون؟ ثم إننا نريد اتخاذ قرارات ملزمة بقوانين واضحة لمواجهة ما تصرخون به من قضايا الفساد، لا يكفي أن تصرخوا كما كان يحدث دوما للظهور والبروز وكسب الشعبية، ثم تتركون الحال على ما هي عليه، ولا تتركوا فرصة لمن يريد الإسفاف وتحويل مسار القضايا المهمة إلى معارك شخصية، نريد إنجازاً حقيقياً، فبلدنا انحدر إلى أدنى مستويات الفساد وأنتم تتفرجون. أخشى ما أخشاه أن يكون من بينكم من ينفذ أجندة متنفذين فاسدين، أو أجندة معادين للديمقراطية، تكون مهمتهم تحويل اتجاه المجلس إلى القضايا الهامشية، وإشعال الفتن لنظل نراوح في مكاننا، انتبهوا لهؤلاء، وأصلحوا بوصلة المجلس، وعودوا لشعبكم ووطنكم وقضاياه الأساسية.
مقالات
هل الكرة أهم أم الوطن؟
16-02-2017