ما دور ميركل في الشرق الأوسط خلال عهد ترامب وبوتين؟
في ظل السياسات الوطنية المحافظة التي يعتمدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعتبر وسائل الإعلام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل القائد الجديد للعالم الحر، فقد كسبت وجهات نظرها وسياساتها المنفتحة والإنسانية بشأن هجرة لاجئي الشرق الأوسط إلى ألمانيا، رغم تعرض بلدها لعدد من الاعتداءات الإرهابية التي نفذها إرهابيون إسلاميون، احترام الكثير من عواصم العالم الليبرالية.أخبر مسؤول ألماني بارز في المستشارية الألمانية في برلين صحيفة "المونيتور"، طالباً عدم ذكر اسمه، أن ميركل ستلتزم باستراتيجيتها الأساسية المحافظة والليبرالية، مع أنها تواجه سنة انتخابية، وتابع: "تُعتبر المستشارة في المقام الأول المدافع عن تكامل الاتحاد الأوروبي لأنها تعتقد أن السلام العالمي يقوم على ذلك، كذلك تؤمن بحماية هذا الاتحاد من السياسات القومية الانفصالية التي تتبعها روسيا، والولايات المتحدة، وأحزاب اليمين الأوروبية، وخصوصاً في هولندا وفرنسا".عدّد هذا المسؤول البارز أيضاً أولويات ميركل الاستراتيجية، بدءاً من تكامل الاتحاد الأوروبي، الذي يشمل خوض مفاوضات صعبة مع المملكة المتحدة للتوصل إلى صفقة بشأن خروجها من الاتحاد الأوروبي، أما الأولوية الثانية، فهي التوصل إلى سياسة هجرة أوروبية سليمة، تحتل التجارة العالمية الحرة المرتبة الثالثة، وتشعر المستشارة أيضاً بالقلق من محاولات بوتين إضعاف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، كذلك تعطي ميركل الأولوية لمحاربة الإرهاب الإسلامي بالتنسيق مع الولايات المتحدة والدول العربية البراغماتية، وتعتقد المستشارة الألمانية أن من الضروري الحفاظ على الصفقة الإيرانية، وتؤيد حل إقامة دولتين بين إسرائيل وفلسطين.
تتمنى ميركل الترويج لهذه السياسات ضمن إطار مجموعة (5+1) (الولايات المتحدة، وروسيا، وبريطانيا العظمى، وفرنسا، والصين، فضلاً عن ألمانيا) التي أُسست لخوض المفاوضات مع إيران بشأن الصفقة.حدّد المسؤول البارز خطوط موقف ميركل العريضة، فشدّد أولاً على العلاقات الخاصة التي تملكها ألمانيا مع إسرائيل ضمن إطارها التاريخي، ويشكّل بيع غواصات استراتيجية لإسرائيل عنصراً رئيساً في هذه السياسة.يرتبط الموقف الثاني بمشاكل الإرهاب الإسلامي في ألمانيا، مما يجعل محاربة تنظمَي "داعش" و"القاعدة" بالغة الأهمية، فقد شاركت ألمانيا بـ650 جندياً في جهود حلف شمال الأطلسي المتوسطية التي ترمي إلى محاربة عمليات تهريب "داعش" عبر البحر الأبيض المتوسط خلال عام 2017، كذلك تُعتبر الحكومة الألمانية لاعباً مهماً في تطوير السياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل تأمل ألمانيا الحفاظ على علاقات جيدة مع الدول العربية البراغماتية، وخصوصاً المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن. أخيراً، رغم العلاقات الخاصة مع إسرائيل، تنتقد ميركل بقوة سياسة الاستطيان التي يعتمدها نتنياهو في الضفة الغربية،وعلاوة على ذلك ذكر المسؤول الألماني البارز أن ميركل ووزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل سيناقشان هذه الأولويات مع ترامب وإدارته، وتعتبر ميركل أن ترامب ينتقد بشدة الاتحاد الأوروبي وسياسات الهجرة التي تتبناها، ورغم ذلك تنوي التفاوض بشأن مجموعة من التسويات مع الإدارة الأميركية، وفي الوقت عينه تعتبر الصفقة الإيرانية بالغة الأهمية بالنسبة إلى الألمان، نظراً إلى إمكانات التجارة الواسعة بين ألمانيا وإيران.أوضح أيضاً أن ميركل ستحاول تجديد إطار عمل مجموعة (5+1) بغية مراقبة تطبيق الاتفاق الإيراني وتوسيعه ليشمل القضية الإسرائيلية-الفلسطينية، ولكن عند السؤال عن هذه المواقف الألمانية، عبّر مسؤول بارز في وزارة الخارجية الإسرائيلية يُعنى بالعلاقات مع الاتحاد الأوروبي عن ثقة حكومة نتنياهو بالعلاقة الخاصة التي تملكها إسرائيل مع ألمانيا، ويعتقد هذا المسؤول أن ألمانيا لن تتدخل في نهاية المطاف في حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.رغم ذلك ومع التبدلات الأخيرة في النظام العالمي قد تفاجأ تل أبيب من الدور الذي قد تؤديه برلين في المستقبل في الشرق الأوسط علماً أن هذا الدور قد لا يتبع بالضرورة الخط الذي تتبناه مقاربة إدارة ترامب.أوري سافير* *«المونيتور»