عادت قوى "الأمر الواقع" من جديد لتطبق على الحريات العامة من خلال محاولة "إسكات" قناة "الجديد" بالقوة، بسبب برنامج "دمى كراسي" التلفزيوني الساخر للمخرج شربل خليل.

وكان البرنامج قد عرض شخصية رئيس مجلس النواب نبيه بري والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي. وقالت الشخصية التي تمثل القذافي إنها تتحدى أن يقول بري إنه لا يعرف مكان الإمام الصدر، الذي اختفى في ليبيا عام 1978.

Ad

ويبدو أن مناصري حركة "أمل" التي يرأسها بري شعروا بأن الحلقة تمس كرامة "الزعيم"، إذ ألمحت الى أنه قد يكون ضالعا بإخفاء "المؤسس"، فاعتبروا أن الحلقة أساءت إلى الصدر ولرمز ديني شيعي، وتوجهوا إلى مقر تلفزيون "الجديد" بوسط المصيطبة في بيروت، وحاصروا المقر مساء الاثنين الماضي.

ومساء أمس الأول، تجمع مناصرو "الحركة" مجددا لليوم الثاني على مدى أكثر من ساعة ونصف الساعة أمام القناة، وعمدوا إلى إلقاء الحجارة ومفرقات نارية ثقيلة وزجاجات حارقة باتجاه المبنى، محاولين اقتحامه، ما أدى إلى تحطم زجاج فيه وإصابة عنصر من القوى الأمنية.

وقالت مصادر متابعة لـ "الجريدة"، أمس، إن "رئيسة مجلس إدارة القناة، كرمى خياط، اتصلت بعضو كتلة المستقبل النائب عقاب صقر، لما يربطها به من علاقة صداقة، طالبة منه تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري لمعالجة الأمر"، مضيفة أن "الخط بين خياط وصقر ظل مفتوحا لساعات حتى حل الأمر".

وتابعت المصادر أن "صقر أبدى كل التعاون مع خياط، نظرا لخلفيته الإعلامية، الرافضة للتعرض إلى حرية الرأي مهما تكون الأسباب، وتابع مع الحريري الاتصالات ومع رئيس مجلس النواب نبيه بري والقيادات الأمنية لتهدئة الأوضاع ومنع تفاقمها"، لافتة إلى أن "بري وعد الحريري بسحب المحتجين، وهو ما حصل بعد دقائق من الاتصال".

رد خليل

ورد المخرج خليل، أمس، على الحملة التي طاولت "الجديد"، قائلا: "هذه الأساليب الميليشياوية معيبة في هذا الزمن، وقد تدخل رئيس الجمهورية ميشال عون شخصيا"، معتبرا أن "ممارسة البربرية أمام مبنى الجديد شوهت هالة الإمام موسى الصدر". وأكد خليل أنه "لم يكن هناك أي تعرض للرموز الدينية، ومن يدعي ذلك هو سخيف وغبي وتافه، لم أتعرض إطلاقا للإمام الصدر، ومن يدع ذلك فهو واهم، ولن أعتذر، وأدعوهم إلى مشاهدة الحلقة". وأسف خليل أن "يكون أحد نواب حركة أمل، هاني قبيسي، مارس التحريض وأحد أسباب ما حدث".

الى ذلك ثارت موجة من الردود الشاجبة لتصريحات رئيس المجلس الوطني للإعلام عبدالهادي محفوظ، الذي اعتبر أمس الأول أنه "كان ينبغي على الجديد أن تتجنب الوصول الى ما يحصل اليوم، وأن الحق الأكبر هو على المحطة التي تسببت بردة الفعل هذه".

الرياشي

كما أكد وزير الإعلام ملحم الرياشي مساء أمس الأول أن "الاعتراض حق، إنما الاعتداء على المحطة مخالفة للقانون، وهذا ممنوع".

وقال: "أنا لست متأكدا من حصول إساءة أم لا، وهذا الأمر يتطلب تحقيقا، وأنا بانتظار نتيجة التحقيق"، مؤكدا أن "الإساءة غير مقبولة، كما أن تحويل اعتصام إلى حالة عنفية، مخالف للقانون ومرفوض".