مع انتعاش موجة العداء اليميني المتطرف للهجرة والمهاجرين بفوز الرئيس الشعبوي دونالد ترامب وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تتجه الأنظار إلى هولندا حيث يدلي الناخبون بأصواتهم بعد شهر لاختيار حكومة جديدة، في أول انتخابات ضمن سلسلة من عمليات التصويت يمكن أن تشهد ما يوصف بـ"عاصفة تغيير يمنية متطرفة" تعيد رسم المشهد السياسي الأوروبي، بينما لا يزال النائب المعادي للإسلام غيرت فيلدرز يتصدر استطلاعات الرأي.

وفي حال تمكن حزب "الحرية" بقيادة فيلدرز من تسجيل أفضل نتائج له منذ إنشائه في 2006 بالانتخابات المقررة في 15 مارس المقبل، فإن ذلك سيحسن فرص حلفائه العقائديين في فرنسا وألمانيا حيث تجري الاستعدادات لانتخابات مماثلة.

Ad

ويرى البعض أنه لا يمكن الاعتماد على استطلاعات الرأي بينما يقول آخرون، إن مؤيدي حزب فيلدرز بين الناخبين البالغ عددهم 12.6 مليون شخص، يخفون تعاطفهم معه.

وعلى الرغم من التشابه الكبير بينهما، يرفض فيلدرز أن يلقب بـ"ترامب هولندا". لكنه لا يخفي إعجابه بالرئيس الأميركي ويدعو النواب إلى الاحتذاء به بعد إصداره مرسوماً يمنع مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة، مؤقتاً، من دخول الولايات المتحدة.

وفي الأسابيع الأخيرة، نجح حزب "الشعب للحرية والديمقراطية" الذي يقوده رئيس الحكومة الليبرالي مارك روتي، في تقليص الفارق مع حزب "الحرية" إذ أشار آخر استطلاع للرأي، إلى أن حزب روتي سيشغل 24 مقعداً في البرلمان مقابل ثلاثين لحزب فيلدرز.

دفاع وحرمان

وبينما يرى مراقبون أن عدداً متزايداً من الناخبين يريدون التصويت لفيلدرز لأنهم لا يرون تغييرات كافية، دافع آخرون عن تأييد النائب اليمني المتطرف بالقول إن "السياسيين لا يصغون للناس، هؤلاء الناس ليسوا عنصريين بل يريدون أمراً مختلفاً".

ومع أنه سيكون أكبر حزب في البلاد، لكن حزب "الحرية" لن يحصل على المقاعد الـ76 الضرورية لنيل الغالبية في مجلس النواب الذي يضم 150 مقعداً.

وكما يحدث في كل انتخابات، سيكون على الأحزاب التفاوض لأسابيع إن لم يكن لأشهر، لتشكيل تحالف بقيادة حزب رئيس الحكومة الحالي الذي رفض أي تعاون مع فيلدرز، مما يعني حرمان الأخير من تشكيل الحكومة وحصره في خانة المعارضة.

ووعد روتي، الذي تحالف مع فيلدرز في 2010 بالامتناع عن العمل مع من يريد إغلاق مساجد البلاد وادين بالتمييز العام الماضي بسبب تعليقات أدلى بها حول المغاربة.

وفي محاولة لجذب مؤيدي فيلدرز المنبوذ من قبل أغلب الأحزاب، صعد روتي اللهجة حول الهجرة في رسالة مفتوحة دعا فيها المهاجرين الذين لا يحترمون القيم الهولندية إلى مغادرة البلاد.

في المقابل، أصر فيلدرز في مقابلة الأحد الماضي، على أنه لا يمكن تجاهل حزبه. وقال، إن الحكومة "ستكون غير مستقرة" وستنهار "خلال العام".

رياح اليمين

وبوجود 28 حزباً يبدو كل صوت مهماً، ويمكن أن تدفع أحزاب صغيرة إلى المقدمة لترجيح الكفة لمصلحة أحد الطرفين.

وبين قادة هذه الأحزاب "الصانعة للملوك" يسي كلافر (30 عاماً)، زعيم دعاة حماية البيئة، الذي جدد حزب "اليسار الأخضر" وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سجل تقدماً كبيراً.

وكلافر الذي يوصف بأنه "جاستن ترودو هولندا"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الكندي المدافع عن الهجرة، دعا أخيراً إلى تعاون أكبر بين أحزاب اليسار لمنع عودة روتي إلى السلطة. وهدفه طموح إذ إنه يريد "وقف رياح اليمين المتطرف التي تعصف بأوروبا".

ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات تسيطر السياسة على الاجتماعات الشعبية، في مدينة فولندام، بين "قدامى القرية" المتجمعين في مقهى على المرفأ ويرددون في أحاديثهم اسم فيلدرز بكثرة.

ويعتبر المقهى المكان المثالي لجس نبض المدينة حول مختلف القضايا من الأحوال الجوية الرديئة أو آخر مباراة لعبها فريق كرة القدم بالقرية التي تحولت إلى المدينة، وتدفق الزوار بلا انقطاع بالحافلات من امستردام لرؤية "هولندا الحقيقية" و"طواحين الهواء".

ويتزايد التأييد فيلدرز وحزب "الحرية" في هولندا وخصوصاً في فولندام المعقل الحقيقي لهذا السياسي، الذي يريد إخراج البلاد من "الاتحاد الأوروبي" ويلعب على وتر وقف تدفع أناس من أوروبا الشرقية للعمل بهولندا مقابل أجور متدنية.

لكن في المدينة، التي تبدو أشبه بحديقة ترفيه، لا تلقى الأهداف الانعزالية لفيلدرز قبولاً من الجميع.

ازدهار الاقتصاد

إلى ذلك، ذكر المكتب الوطني الهولندي للإحصاء، أمس الأول، أن الاقتصاد الهولندي يمر بفترة ازدهار بعد أن حقق نمواً بنسبة 2.1 في المئة خلال العام الماضي، ويعد أسرع معدل نمو تحقق خلال قرابة عقد من الزمان وبعد سنوات من أزمة 2008.

ومع ذلك، حث المكتب على الحذر في أعقاب خروج بريطانيا، ثاني أكبر شريك تجاري لهولندا، من "الاتحاد الأوروبي".