أظهر الثلاثي د. أميرة عامر ود. سارة العتيقي وحسن عرب قدرة بارعة في التذوق والتبصّر في التعامل مع الروايات الثلاث: "وادي الشمس" لبسام مسلم، و"قطط إنستجرام" لباسمة العنزي، و"خرائط التيه" لبثينة العيسى، والكشف عن جماليات البناء في النصوص الإبداعية الثلاثة التي طرحت على طاولة التشريح في الامسية النقدية التي أقامها مختبر السرديات الكويتي في مكتبة رواق الشويخ، والتي استمرت ما يقارب الـ120 دقيقة وحضرها بجانب المؤلفين الثلاثة عدد كبير من المهتمين منهم الكاتب الكبير طالب الرفاعي.استهل مدير الأمسية الناقد فهد الهندال بتقديم اصحاب الاوراق النقدية الثلاث د. أميرة عامر ود. سارة العتيقي وحسن عرب خريجي الورشة النقدية في دورتها الأولى، ورحب بالمؤلفين الثلاثة للرويات التي كانت مثار النقد، وهم: بسام المسلم وباسمة العنزي وبثينة العيسى، ثم ألقى الضوء على الروايات الثلاث أبطال الأمسية.
الرواية الأولى "وادي الشمس: مذكرة العنقاء" هي الأولى لمؤلفها بسام المسلم، صدرت عن دار الفراشة للنشروالتوزيع، تقع في 214 صفحة من الحجم الوسط، وتناولت أحداثا شغلت مؤلفها، أما رواية "خرائط التيه" فصدرت عن الدار العربية للعلوم "ناشرون" وطرحت أسئلة كثيرة عن تيه الذات في الإنسان، بقدر حجم دروب التيه المتعددة التي أخذتنا فيها عبر الصفحات الـ410 للرواية السردية بامتياز، والتي تناولت تحول رحلة حج الزوجين الكويتيين فيصل وسمية إلى أيام من القلق والرعب إثر ضياع ابنهما الوحيد في البيت الحرام من بين يديهما ليخوضا رحلة العذاب حتى عاد اليهما. وأما "قطط إنستجرام" صدرت عن دار العين للنشر، واقتحمت فيها المؤلفة شبكات التواصل الاجتماعي، وكشفت من خلال قطها سبايس تجاوزات الفاسدين من خلال أبطال الرواية الأربعة التي اختلفت طموحاتهم واتفقت رغباتهم في البحث عن وسائل لتغيير حاضرهم بطرق مختلفة.وبدأت القراءات في الأمسية النقدية التي منح فيها الكتاب آذانا صاغية وقلوبا منفتحة وحوار راقيا، بورقة حسن عرب الذي تناول فيها بالتحليل والتشريح قصة وداي الشمس، حيث انتقد الكاتب بسام المسلم تارة لغياب المنطقية في السرد من خلال التناقضات التي مست الشخصيات والتغيرات التي حدثت لأفكارهم وحولت البعض منهم من النقيض الى النقيض، وايضا التأرجح في استعمال الفصحى والعامية، لكنه أشاد بتمكن المؤلف من ملامسة بواطن شخصياته في اتون الحرب السورية ورصد انتقالاتهم السريعة وتتبع خطواتهم في التنقل ما بين الاعتدال إلى التطرف، ومن ثم العودة مرة اخرى الى العقلانية.وأشادت د. أميرة عامر في بداية قراءتها النقدية لقصة "قطط إنستجرام" بالمؤلفة باسمة العنزي، وقدرتها الرائعة على الامساك بتلابيب الفكرة من البداية الى النهاية، لكنها وجدت مبالغة احيانا في تحميل الموضوعات اكثر من قدرتها، واللجوء الوصفي لبعض المواقف دون الدخول في عمق الشخصية عن الحالة التي يعيشها سواء في الصح أو الخطأ.
روعة العمل
وأكدت د.سارة العتيقي في ورقتها النقدية لرواية "خرائط التيه" ان الكاتبة قدمت عملا رائعا كان البحث فيه الصوت الأعلى وملموسا للغاية، الأماكن التي تناولتها سواء في الكويت، مكة، جيران، عسير، وسيناء، لكن في بعض الاحوال تهنا معها رغم روعة العمل.وفي النهاية، أكد الهندال أن ما قدم في الامسية النقدية فاقت فيه جودة الرؤى، بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف، كل أنواع المجاملات، فقد كانت في مجموعها أفكارا شابة حاضرت بتميزها، ومشاركتها بوعيين ذاتي ونقدي في محاولات لكشف الخلل، سواء في التركيبة اللفظية أو الحركية لأشخاص الروايات، وفي عمومها لم يخرجوا عن دوائر المألوف في الساحة النقدية الذي يلامس فيه القول ملامح النص الإبداعي ويكتشفه، لكن بعيدا عن التجريدات التعبيرية التي تصف النص بالجمال أو القبح.وشدد على أن ما قدم في معظمه قراءات لأصحابها فيها من دون شك انطباعاتهم ومشاعرهم بشكل منطقي، وترتيب عقلاني، وهو المنهج الذي يمكن صاحبه من رصد الظاهرة الجمالية في الرواية ويسببها، ويعرب عن الدهشة التي أحدثها السرد، ويتحول معه النص إلى مادة للمعرفة. وفي كل الأحوال المسألة النقدية تتعلق بالذوق والخبرة.