أخرج المخضرم بول فيرهوفن الهولندي الأصل فيلم Elle، ويقدّم فيه أول عمل له باللغة الفرنسية. اقتُبسه من رواية Oh التي صدرت عام 2012 للكاتب فيليب دجيان، وتتمحوّر حول امرأة تتورّط في سلسلة مريعة من مؤامرات ضد رجل اغتصبها في منزلها.قالت إيزابيل هوبير: «لا أحب أن تُعتبَر أدواري استفزازية لأنني لا أراها على هذا النحو. لكن تكون الحقيقة استفزازية غالباً لأن التعبير عن مكنونات عقلنا وقلبنا أمر استفزازي. يتطلّب العيش في المجتمع تنازلات دائمة. لذا من اللافت أن تسمح السينما لشخصية معيّنة باتخاذ موقف مغاير في ظروفٍ كانت تحتاج إلى التنازلات على أرض الواقع. إنها فكرة مثيرة للاهتمام وليست استفزازية في نظري».
أضافت: «أظنّ أن التمثيل يكشف لي جوانب جديدة عن ذاتي ويسمح لي بالتعبير عن رسالة معيّنة بشأن الشخصية التي أؤديها. هذا ما جذبني شخصياً إلى عالم التمثيل».حين كان فيرهوفين يحضّر للمشروع، أراد في البداية أن تدور الأحداث في الولايات المتحدة وأن يختار ممثلة أميركية للبطولة. لكن بعدما عجز عن إيجاد ممثلة مستعدة لقبول الدور، اتفق مع هوبير ونقل الأحداث إلى باريس. اليوم، يستحيل طبعاً أن نتخيل أي ممثلة أخرى في هذه الشخصية!قال فيرهوفن: «باختصار، تتعلق المسألة الأساسية بحجم الموهبة. إنها ممثلة موهوبة للغاية ولا تحمل في عقلها أية مخاوف. شعارها الجرأة على المستويات كافة! إذا شعرت بأنها تستطيع تقمّص الشخصية، لن تهتم بأي ضوابط أخلاقية ولن تكترث طبعاً برأي الناس».تابع: «كان أداء إيزابيل هوبير كفيلاً بإعطاء المصداقية لهذا النوع من الشخصيات الغريبة. حتى لو لم نكرر تحركاتها وحتى لو عارضنا الخطوات التي تتخذها في حياتها، سنشعر دوماً بأن الشخصية في الفيلم قادرة على التصرف بهذه الطريقة. أظن أن مشاركة إيزابيل في الفيلم جعلتنا نصدّق الشخصية حتى لو خالفناها الرأي».
جوائز وتعاون
بعد يوم تقريباً على ترشيح هوبير لجائزة أوسكار، ترشّحت أيضاً عن الدور نفسه لجوائز «سيزار» الفرنسية علماً بأنها أكثر ممثلة ترشّحت لهذه الجائزة على الإطلاق (حصد الفيلم 11 ترشيحاً في فرنسا، من ضمنها فئتا أفضل فيلم وأفضل إخراج).تفتخر هوبير بالعمل مع مخرجين من أنحاء العالم. شاركت الممثلة الفرنسية أيضاً في أفلام باللغة الإنكليزية. حين كانت تسافر إلى لوس أنجليس خلال الخريف لتسويق فيلم Elle، قالت إنها كانت تفكر دوماً بالتعامل مع هذين المخرجَين. أوضحت في هذا السياق: «تقاسمتُ الكثير معهما، لا سيما مايكل سيمينو. كانت مغامرتنا طويلة ولا تُنسى واحتلت أهمية كبرى بالنسبة إلي حتى في تجاربها الفاشلة، فقد أصبحت تجربتنا فريدة من نوعها بعد الضجة التي أثارها فيلم Heaven’s Gate (بوابة السماء). كان كورتيس مخرجاً ممتازاً جداً. شعرتُ بالحزن حين غادرنا بقدر ما حزنتُ على مايكل. كان الأخير مخرجاً عظيماً بالنسبة إلي وأعتبره استثنائياً ومميزاً. لذا أفتخر فعلاً بالعمل مع شخصَين مثلهما في مرحلة معينة».قوية وضعيفة في آن
تعترف هوبير أيضاً بأن مسيرتها التمثيلية بلغت ذروتها مع أدائها القوي في فيلم Elle لأن هذا الدور سمح لها بأن تكون قوية وضعيفة وعاطفية وعقلانية في آن. تقول إن الشخصية معقدة جداً ومتعددة الأبعاد والظروف. هي أم وابنة وزوجة سابقة وامرأة نافذة كونها تدير شركة لألعاب الفيديو.لكن حتى بالنسبة إلى امرأة مثل هوبير التي تحصد الإشادة على أعمالها، يبقى عامل المفاجأة والشك قائماً ويساهم في تأجيج حماستها للعمل. يشكّل دورها في Elle نموذجاً مثالياً على ذلك، فقد اعتبرته تحدياً مثيراً للاهتمام ولم تكن تتوقع الإشادة التي سيحصدها. بالنسبة إلى فيرهوفن، كان أداء الممثلة كفيلاً بدفع القصة في اتجاه غير متوقع.قال المخرج: «كان يجب أن تشارك إيزابيل هوبير كي يصبح الفيلم صادقاً ومقبولاً. أشكّ في قدرة أي ممثلة أخرى في العالم على تقديم الدور بهذه الطريقة الصادقة التي تختلف في الوقت نفسه عما يتقبّله الناس عموماً في الشخصيات».ختم: «أدركتُ بعد يوم أو يومين ضرورة أن أترك هوبير تطلق العنان لنفسها. شعرتُ بأنها تسيطر على الشخصية وتعرف طريقة التعبير عنها. كانت تأخذ الفيلم في اتجاهات لم تكن مذكورة في الكتاب ولا السيناريو ولا حتى في عقلي أنا!».