كتبت صحيفة "التايمز" اللندنية عن الدور الإيراني في الشرق الأوسط، وكيفية تعامل الإدارة الأميركية مع طهران، في مقال بعنوان "إيران هي الاختبار الصعب لسياسة ترامب الخارجية" إنه يجب أن تحول إدارة ترامب من دون تمكين إيران من الخروج منتصرة في أي من الحروب، التي تشتعل في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك فإن التعامل مع إيران سيكون مهما جدا، لمعرفة إلى أي مدى يمكن للإدارة الجديدة أن تفرض هيبتها في المنطقة، ويختبر ما إذا كان ترامب سيثبت أنه رئيس قادر على اتخاذ قرارات قادر على تنفيذها في هذا الشأن أم لا.من الواضح نظراً لطبيعة المرحلة، فإن الإدارة الأميركية مضطرة حاليا للتمسك بسياسة الرئيس السباق باراك أوباما تجاه إيران، وأعني هنا احترام الاتفاق النووي الذي توصل إليه الغرب مع طهران، بالرغم مما جاء من تصريحات ترامب أثناء حملته الانتخابية، عن نيته التنصل من ذلك الاتفاق، ولو بشكل مرحلي.
من الواضح أن إدارة ترامب تحمل توجها واضحا للانقلاب على سياسات أوباما، وعلى رأسها خارجيا إدارة الملف الإيراني، فرؤية الأولويات في المنطقة، إيرانيا وخليجيا ومصريا، تختلف تماما بين الإدارتين الأخيرة والحالية، وتلحظ ذلك في العديد من المؤشرات، وفيما يتعلق بالمنطقة فإن مؤشرات التغير في العلاقة مع دول المنطقة نلحظها بوضوح في العلاقة مع مصر، وما يبدو أنه إعادة للعلاقات بين البلدين إلى مستواها الذي افتقدته منذ سنوات طويلة تعود إلى مطلع الألفية الثانية، أيضا على الرغم مما تم ترويجه من أن ترامب قادم لتحجيم وإدارة العلاقات مع السعودية بصورة أكثر تشددا، إلى الدرجة التي بدأ فيها الحديث المتشكك عن مستقبل السعودية ذاتها ككيان، إلا أن الواقع أظهر أن ترامب يتحرك إلى منطقة المصالح المشتركة، وبالتالي فإن علاقة أميركا في عهده ستعتمد على استعادة الشركاء الاستراتيجيين تاريخيا، ولذلك فإن تطورا في العلاقة مع السعودية والكويت والإمارات إضافة إلى مصر هو المتوقع حدوثه، أي العودة إلى التحالفات التقليدية كأساس لإدارة الصراع أو الأوضاع في المنطقة، وبالتالي الحفاظ على المصالح الأميركية، والواضح أن هذا الاتجاه يختلف تماما عن توجهات إدارة أوباما التي شهدت دفئا في العلاقات الأميركية الإيرانية وتوترا وانزعاجاً، بل إحساسا بالتخلي، على الطرف الخليجي، فمن الأمور التي كانت واضحة تماما أن الإحساس بالتهميش كل إحساسا مسيطراً على أجواء العلاقة، وبدا وكأن أميركا، الحليف الذي يتباعد عن حلفائه التاريخيين، يعمل لقوة إقليمية جاهرت دائما بأطماعها في المنطقة ويطلق لها العنان، لذلك يمكن فهم حالة الارتياح التي سرت بين دول الخليج بعد أن عاد أمن الخليج ليصبح أحد أولويات أميركا في المنطقة، ومواجهة التغول الإيراني في المنطقة.دونالد ترامب يتبنى سياسة تؤدي إلى استعادة بعض التوازن الذي يمكن أن يساعد في كبح جماح الخلاف السُنَّي الشيعي الذي نفخت في نيرانه قوى إقليمية ودولية مختلفة، ولعل استهداف إلحاق الهزيمة الكاملة للراديكالية الإسلامية بكل أوجهها إن كان "داعش" و"القاعدة" و"النصرة" وأخواتها من القوى السنّية الإرهابية المدمرة، أو على صعيد الميليشيات الشيعية التي صنعتها إيران في إطار مشروعها الإقليمي هو أحد الملامح المهمة للتوجه الأميركي الجديد في المنطقة، إدارة ترامب تؤكد تعهدها بمحاربة الراديكالية الشيعية لا السنيّة فقط، إذ إنها تحدثت عن إدراج "الحرس الثوري" الإيراني وتنظيم "الإخوان المسلمين" السُنّي على قائمة التنظيمات الإرهابية، ورغم صعوبة التنفيذ، فإن الدلالة مهمة، وصعوبة التنفيذ تكمن في أن "الحرس الثوري" هو جزء من النظام الإيراني، في حين "الإخوان المسلمين" هم جزء من معادلة الحكم والتوازن السياسي في العديد من دول المنطقة، مثل تونس والأردن والكويت وأيضاً تركيا، لذلك، قد تبدأ واشنطن خطوات تدريجية مثل إدراج "فيلق القدس" الموجود في العراق وسورية كتنظيم إرهابي ويمكن اتخاذ إجراءات تتعدى مجرد التصنيف الإرهابي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأجنحة العسكرية لجماعة "الإخوان المسلمين" كخطوة أولية.المهم، أن ملامح جديدة للسياسة الأميركية في المنطقة بدأت تتشكل، ولكن يظل التحدي إلى أي مدى تتمكن الدول العربية من التعامل بذكاء مع المتغيرات الجديدة.
مقالات - اضافات
ملامح أميركية جديدة في المنطقة
17-02-2017