تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ نوفمبر الماضي إلى قادة الصين وتايوان والفلبين، ساعيا إلى تحديد موقف من آسيا. لكن زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى واشنطن الأسبوع الماضي أظهرت إشارات على تعضيد أوثق للعلاقات الأشد أهمية من الناحية الاستراتيجية في تلك المنطقة. ويرجع ذلك إلى توافق الرجلين على العمل معا في مواجهة التوسع الصيني.

وتحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى اليابان أكثر من أي وقت مضى، للحد من توسع الصين في آسيا، مع خشية ترامب من هيمنة الصين على التجارة، ومن توسعها بحرا قبالة ساحلها الجنوبي. ولدى اليابان متاعبها الخاصة مع الصين، وهي بحاجة إلى الأسواق الأميركية، وهذا أمر لا يحبذه ترامب، وفق وعوده في حملاته الانتخابية "أميركا أولا".

Ad

وتريد اليابان، ذات الاقتصاد المتطور المعتمد على التصدير، أن تكون اللاعب الأكبر في آسيا، وأن تساعد الأجزاء الأقل تطورا في أعمال البنية التحتية، مقابل فتح الأسواق والأبواب أمام استثمارات المعامل، وتقوم الصين بالكثير من ذلك في الوقت الحالي.

لقد كان تفاهم الصين واليابان ضعيفا، بسبب قضايا عالقة يعود بعضها إلى الحرب العالمية الثانية، وإلى نزاعات بشأن السيادة البحرية في الوقت الراهن. وقد أغضب وزير الخارجية الأميركي الصين بقوله إن على الولايات المتحدة أن تمنعها من إقامة جزر اصطناعية في بحر الصين الجنوبي. وتوترت العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة أيضا، بعد أن شنّ ترامب حملة ضد الصين – ثاني اقتصاد في العالم، متهما إياها "بالتلاعب في سعر صرف عملتها".

لذلك كان منطقيا ما قاله ترامب من أن التحالف الأميركي – الياباني هو "حجر الزاوية في السلام والاستقرار" في آسيا، وتعهده بالعمل على تحقيق تقارب أكبر بين الجانبين. وكان سماع ذلك مصدر ارتياح بالنسبة لشينزو آبي أيضا، الذي لم يكن متأكدا من فهمه لبعض الانتقادات الحادة التي صدرت سابقا من ترامب بشأن أسواق اليابان، وقيامه باتصال هاتفي في 9 فبراير بالرئيس الصيني زي جنبينغ.

وتتمتع حليفة أميركا منذ أمد طويل بقوة عسكرية، وهي تحتل المركز السابع، وفق تصنيف قاعدة بيانات غلوبال فاير باور دوت كوم، وبالتالي تشكل قوة لا يستهان بها في آسيا. لكن الصين تحتل المركز الثالث، ولها جزر متنازع عليها قبالة سواحلها.

وتتمتع اليابان بنفوذ اقتصادي أيضا، وهي تقدم مساعدات تنمية واستثمارات إلى دول فقيرة في آسيا، بغية الحفاظ على تحالف مؤيد للولايات المتحدة ومناوئ للصين. وتشمل الدول الحليفة الأخرى فيتنام والفلبين.

وعلى أي حال، فإن لدى الولايات المتحدة أشياء أخرى للاهتمام بها – على غرار مبدأ "أميركا أولا"، الذي شكل عنوان الشهر الذي أوشك على الانقضاء من رئاسة ترامب، وقد تعول على اليابان للقيام بجهود من أجل احتواء الصين.

ويقول كريستيان دو غازمان، وهو نائب رئيس وكبير مديري الائتمان في "موديز" بسنغافورة: "بالنسبة إلى ما يجري في آسيا لن يكون حضور أميركا كبيرا، وقد تكون هناك رغبة لدى اليابان لملء ذلك الفراغ، وإلا فإن الصين قد تملأه".

ويضيف: "وعدت الصين بحشد كبير للاستثمارات للفلبين، ثم وعدت بحزمة مماثلة إلى ماليزيا، وهي تحاول تحقيق نفوذ عن طريق الاستثمار".

وبعد قيام كوريا الشمالية، حليفة الصين، بتجربة إطلاق صاروخ باليستي الأحد الماضي احتجت اليابان والولايات المتحدة. وأعطى ترامب دعما إلى طوكيو عن طريق تطمين اليابان بأن جزر سنكاكو الاستراتيجية، التي تسيطر اليابان عليها، وهي موضع نزاع مع بكين، تقع ضمن معاهدة الأمن الأميركية – اليابانية. ويقول جون فيل، وهو كبير الاستراتيجيين العالميين لدى "نايكو أسيت مانجمنت"، التي تتخذ من اليابان مقرا لها: "التعاون الدفاعي سوف يزداد، ويتشاطر الجانبان العديد من المخاوف والاهتمامات الجيوسياسية".

ومن المتوقع أن تحصل اليابان على شيء ما في مقابل احتواء الصين، ومع مثل تلك العلاقات الوثيقة حتى رئيس أميركي حمائي مثل ترامب سيجد صعوبة في جعل اليابان تخرج من الأسواق الأميركية. وسوف يلحق ذلك المصير الضرر بكبار المصدرين اليابانيين، مثل: باناسونيك وتويوتا. كما أن الصين وأميركا أكبر أسواق التصدير بالنسبة لليابان، وتساوي كل واحدة منهما أكثر من 100 مليار دولار في السنوات الأخيرة.

ويقول فيل: "مدى مساعدة اليابان في مزيد من إعادة تصنيع الولايات المتحدة هائل". ويريد ترامب إعادة عمل المصانع من الخارج، بغية زيادة عدد فرص العمل بالولايات المتحدة".

ويذكر كوهي ايواهارا، وهو اقتصادي لدى ناتيكسي جابان سيكيوريتيز: "رغم أن لدى ترامب وجهات نظر قاسية إزاء اليابان ساعدت اجتماعات عطلة نهاية الأسبوع على تطوير الأساس لمفاوضات المستقبل. وهي لم تبدد حتى الآن على الأقل مناخ المستقبل لاقتصاد واستثمارات اليابان".

* رالف جنينغز