لافروف يستعجل نهاية «الأطلسي» ويدعو لنظام يتجاوز الغرب

• واشنطن تطمئن الأوروبيين وتذكرهم بـ «الدفع»
• ظريف يقايض استقرار المنطقة بالمصالح

نشر في 19-02-2017
آخر تحديث 19-02-2017 | 00:03
وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا قبيل انطلاق أعمال مؤتمر ميونيخ جنوب ألمانيا أمس (د ب أ)
وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وأوكرانيا وروسيا قبيل انطلاق أعمال مؤتمر ميونيخ جنوب ألمانيا أمس (د ب أ)
سعى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى استغلال حالة انعدام الثقة بين ضفتي الأطلسي، ووجه هجوماً حاداً لحلف «الناتو»، مبشراً بنهايته، وداعياً إلى إقامة نظام عالمي جديد أسماه «ما بعد الغرب»، في حين أكد وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف أن بلاده مستعدة للعمل على إنهاء الاضطرابات التي تشهدها دول بالمنطقة من أجل «المصالح المشتركة».
انتهزت روسيا الموقف الضبابي لإدارة البيت الأبيض الجديدة حيال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وشن وزير خارجيتها سيرغي لافروف هجوما حادا على المنظمة، ورأى أنها لن تتمكن من الاستمرار على المدى الطويل.

ووجه لافروف انتقادات حادة للحلف الذي يضم دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة، وقال أمس، في كلمة أمام مؤتمر ميونيخ الدولي للأمن: "الناتو لايزال مؤسسة الحرب الباردة، سواء في الفكر أو في القلب".

واعتبر لافروف "الناتو" أشبه بـ "ناد نخبوي من دول" تحكم العالم. ودعا قادة الحلف إلى قيام نظام عالمي جديد "ديمقراطي وعادل" أسماه نظام "ما بعد الغرب".

وبالتزامن مع هجومه على الحلف الأطلسي، اقترح الوزير الروسي على واشنطن إقامة علاقة على أساس الاحترام المتبادل و"البراغماتية".

وأضاف قائلا: "من مصلحتنا المشتركة تعزيز العلاقات الأميركية - الروسية... نحن مستعدون عندما تكون الولايات المتحدة مستعدة لذلك".

في المقابل، سعى نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، في خطاب باسم ترامب أمام المؤتمر نفسه إلى طمأنة الأوروبيين، وأكد أن الولايات المتحدة مازالت "أكبر حليف لأوروبا، وأن التزامها حيال الناتو ثابت".

وقال بنس إن "الرئيس ترامب طلب مني أن أكون هنا اليوم، لنقل رسالة تفيد بأن مصير "الولايات المتحدة وأوروبا مترابط"، مشيرا إلى القيم المشتركة مثل "الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون".

غير أن بنس جدد بقوة مطالب الولايات المتحدة بالتزام مالي أكبر من جانب الشركاء في الحلف. وقال في هذا السياق: "يستدعي الدفاع الأوروبي التزامنا بقدر التزامكم. وعود المشاركة في الأعباء لم يتم الإيفاء بها منذ فترة طويلة جدا".

وفي ما يتعلق بروسيا، دعا بنس إلى الحزم بالموازاة مع مساعي تحسين العلاقات معها. وشدد بنس على أن "الولايات المتحدة ستواصل مطالبة موسكو بحسابات رغم السعي الى مواضع توافق. فكما تعلمون أن الرئيس ترامب يرى ذلك ممكنا"، داعيا موسكو إلى تطبيق اتفاقات مينسك للسلام في أوكرانيا.

أسف وشكوك

وردت أغلبية الوزراء الأوروبيين في كلماتهم على خطاب بنس على غرار وزير الخارجية الألماني سيغمار غبريـال الذي ذكر بمساهمة الأوروبيين في الاستقرار في العالم عبر المساعدات للتنمية.

في هذه الأثناء، عبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت عن آسفه في "تغريدة" على "تويتر" لأن نائب الرئيس الأميركي "لم يقل كلمة واحدة عن الاتحاد الأوروبي"، وهي قضية كانت متوقعة لأن ترامب أشاد بخروج بريطانيا من التكتل، وبدا أنه يأمل في تفكك الاتحاد.

وأعرب الوزير غبريـال، عن اعتقاده بأنه من غير الممكن، من الناحية العملية، رفع موازنة الدفاع بالنسبة التي اتفق عليها الشركاء داخل "ناتو" أمس.

أنانيات وتحريف

من جانب آخر، هاجمت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حضرت المؤتمر الأنانيات القومية في وقت تخشى الدول الأوروبية أن تبدأ الولايات المتحدة عملية انطواء على نفسها. ودعت ميركل التي تحدثت قبيل بنس إلى "الحزم" مع الروس، لأن "موسكو عرضت الاستقرار الأوروبي للخطر بمهاجمتها "وحدة أراضي" أوكرانيا. لكن ميركل دعت إلى زيادة التعاون معها لـ "مكافحة الإرهاب".

كذلك دعت ميركل الى التعددية لمواجهة التحديات الهائلة مثل التيار الجهادي وأزمة الهجرة.

وأكدت مرات عدة في خطابها أن "أوروبا بحاجة إلى قوة الولايات المتحدة" لمواجهة "الإرهاب الإسلامي"، ورأت أن طلب واشنطن من أوروبا بذل مزيد من الجهود المالية مشروع. أما بالنسبة إلى الدول العربية، فقد اعتبرت ميركل أن مشاركتها أساسية في التحالف ضد الجهاديين. وقالت "أعتقد أن هذه الدول تحديدا يمكنها القول بوضوح أن الإسلام ليس سبب الإرهاب، وإنما هو نسخة منحرفة من الإسلام".

وقبل ميركل، عبر عدد من المسؤولين الأوروبيين في ميونيخ عن قلقهم إزاء التغيير في الولايات المتحدة، ودعوا إلى احترام القيم الديمقراطية والتزام الحذر حيال روسيا.

إلى ذلك، رأى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده مستعدة للعمل على انهاء الاضطرابات التي تشهدها عدة دول بالمنطقة من أجل "المصالح المشتركة".

وقال ظريف في مقابلة أجرتها معه شبكة "سي إن إن": "نعتقد أن جميع دول المنطقة بما فيها إيران والسعودية لها مصالح مشتركة في إنهاء الأزمات والحل الوحيد لليمن وسورية والبحرين والدول الأخرى سياسي"، مشيرا إلى أن طهران التي تدعم حركة التمرد الحوثية "مستعدة للتعاون مع أي دولة في المنطقة لإنهاء الاضطرابات في اليمن".

وحذر الوزير الإيراني من أن توجه واشنطن لإرسال قوات برية إلى سورية لمحاربة تنظيم "داعش"، سيهدد أمن المنطقة وسيزيد اتساع نطاق التطرف.

وشدد بالقول "مع الأسف فإن أوروبا وحلف شمال الأطلسي والدول الأخرى لم تفعل شيئا لمكافحة داعش، كما أن قوات هذه الدول لم تمنع التنظيم من التمدد في الأراضي العراقية".

وحول تهديدات ترامب ضد الاتفاق النووي، قال ظريف "لا شك في أنهم لو كانوا قادرين على فعل شيء لكانوا فعلوا"، مشددا بالقول إنه لا يمكن إعادة التفاوض بشأن الاتفاق الذي استمرت المباحثات المتعلقة به أكثر من عامين.

back to top