هل يوجد أي معنى حقيقي لتعبير "ازدراء الأديان"؟ هل يحق لنا تحديداً كمسلمين أن نستخدمه سواء ضد أصحاب الديانات المختلفة أو ضد مذاهب بعضنا البعض؟ في صلب العقيدة، يؤمن المسلم أن كتب الديانات الأخرى محرّفة، وأن الدين الحق هو دين الإسلام، فمن يموت عليه يدخل الجنة ولو بعد حين، ومن يموت على غيره يدخل النار مهما بلغت روعة أدائه الإنساني على وجه الدنيا. يعتقد المسلم أن غيره غير المسلم على درجة من النجاسة من حيث عدم اتباعه خطوات الطهارة المطلوبة، يعتقده غير مستكمل المواطنة وعليه يأتي مفهوم الجزية والذي له تداعيات حالية ليس أقلها قانون عدم تجنيس غير المسلم الذي أقره مجلس الأمة الكويتي في 1981. من المنابر الإسلامية يُدعى على غير المسلمين صباحاً ومساء بيتم أطفالهم وتثكيل نسائهم، يوصفون بالقردة والخنازير، يشار إلى المسيحيين منهم بلفظة "النصارى"، يشار إلى اليهود منهم على أن دحرهم الأخير هو من علامات الساعة، البوذ كفار، الهندوس أنجاس، الزرادشتية، الكنفوشيون، التاويون، هل عندنا لفظة واحدة جيدة، بل لنقل محايدة، عن أي من هذه الديانات أو أصحابها؟دع عنك هؤلاء وانظر في ازدرائنا لبعضنا البعض، وهنا الموضوع يمكن اختصاره في جملة: "الفرقة الناجية"، كلنا نؤمن أن هناك فرقة واحدة ناجية، وغيرها من فرق المسلمين في النار، أهناك ازدراء أعظم من إخراج الآخر خارج دائرة النجاة والحكم على مذهبه بالفشل؟ طيب لننظر في التبادل الذي تم بين الطبطبائي وعبدالصمد، ليس هناك إشارة مباشرة للمذهب، لكن "أنت تدافع عن إيران" و"مخيمات العبدلي تشرفك"، ما منحى هذين التعبيرين؟ ألا يزدري هذان النائبان بعضهما ويزدرياننا نحن جميعاً كذلك في خضم تبادلهما المخجل؟ إذا كتبت أنا اليوم بحثا حول تاريخ خالد بن الوليد على سبيل المثال أو حول حقيقة واقعة مقتل فاطمة الزهراء كمثال آخر، أو عن أصل الكلمات غير العربية في القرآن كمثال ثالث، يمكن أن أدخل تحت طائلة قانون الازدراء، والنواب الذين يقولون "عملاء وخونة وأذناب"، والذين يدافعون عن الطغاة باسم المذهب، أئمة المساجد الذين يقولون "قردة وخناير" ويدعون على الآخرين بالثكل واليتم ويشتمون الطوائف المقابلة هؤلاء كلهم بريئون من الازدراء؟ إما كل ما سبق ازدراء ويكون المتهم فيه أول من شرعه، وإما كل ما سبق نقد يبدأ من المحترم العلمي منه وينحدر إلى الصفيق منه، وكله يستحق الوجود وإن لم يستحق الاحترام، لا توجد مساحة بين الاثنتين، وعلى رأي الكفرة، لا يمكنك أن تحصل على كيكتك وتأكلها كذلك.
مقالات
كيك
20-02-2017