بالرغم من أن موعد انعقاد مؤتمر "جنيف 4" قد اقترب، فأغلب الظن أن حل الأزمة السورية لايزال بعيداً، وليس تشاؤماً أكثر من اللازم أن يرى البعض أن نهاية هذه الأزمة أصبحت أكثر تعقيداً من "ذنب الضب"، وقد تحتاج إلى 6 سنوات أخرى، إضافة إلى الأعوام الستة الماضية، والمثل يقول: "إن الطبخة إن كثر طباخوها ستشيط"، والحقيقة أن عدد طباخي هذه الطبخة أصبح أكثر كثيراً من اللازم!والواضح أن المبعوث الدولي ستيفان ديميستورا، الذي يبدو أن أسراره توجد لدى الروس وحدهم، نظراً لانكفاء الأميركيين المتواصل حتى بعد مغادرة أوباما ومجيء ترامب، مصرّ على إعطاء الأولوية في "جنيف 4" لمشروع الدستور السوري الذي "تبرع" الروس بإعداده بصيغة لو أخذت المعارضة بها فإن سورية ستصبح ثلاث دول متنازعة، وقد تصبح مع الوقت 5 دول متنازعة أيضاً، على اعتبار أنه إضافة إلى السنّة والعلويين والأكراد، هناك أيضاً الإسماعيليون والدروز... ومن يعرف ما الذي سيحصل بعد ذلك، فربما يطالب "إخوتنا" التركمان بدولتهم أيضاً!
من المفترض أن الأمور واضحة ومحسومة، فهناك "جنيف 1"، وهناك القرارات الدولية التي تنص على مرحلة انتقالية يتولى الحكم فيها فعلياً مجلس عسكري يتشكل بالنسبة إلى النظام وإلى المعارضة من ضباط "شرفاء" غير ملطخة أياديهم بدماء أبناء الشعب السوري، بحيث يكون هذا المجلس جزءاً من هيئة سياسية انتقالية لا مكان فيها فعلياً لنظام بشار الأسد، وتقوم هذه الهيئة بإعداد الدستور الملائم للدولة السورية الجديدة القائمة على أساس اللامركزية الإدارية، والتي لن يطول بها الزمن لتواجه مصيرها المشؤوم إن أخذت بالصيغة الدستورية التي أعدها الروس، وفقاً للصيغة "الكونفدرالية".وحقيقة أن هناك الآن حتى بعد اجتماعات "آستانة" غموضاً سلبياً في المواقف الروسية، فالمطلوب أولاً، قبل الذهاب إلى "جنيف 4"، ضبط فعلي لوقف إطلاق النار، وخاصة من جهة نظام الأسد الذي لم يعترف بعد بـ "المعارضة"، ولايزال يصفها بأنها "مجموعات إرهابية مسلحة"، وثانياً من جهة إيران التي تدل مواقفها وأفعالها على أنها باقية في سورية، وأنها ليس بـ "وارد" الانسحاب من هذا البلد الذي ظل على مدى 6 أعوام يتعرض لعمليات تغيير "ديموغرافي" رافقتها عمليات تهجير "ممنهج" شملت مناطق عديدة من بينها بعض ضواحي العاصمة دمشق.والمطلوب ثانياً وقبل الذهاب إلى "جنيف 4" أن يتم تحديد المناطق الثلاث الآمنة التي تم الاتفاق عليها حتى من ناحية الروس، ويجب أن تكون المنطقة الأولى على الحدود السورية – الأردنية التي بدأت تشهد توتيراً متصاعداً في الفترة الأخيرة، والثانية على الحدود السورية- التركية، أما الثالثة فعلى الحدود السورية – اللبنانية في المنطقة التي أطلق عليها الأسد اسم "سورية المفيدة".هذه بداية ضرورية ولابد منها، أما الذهاب إلى "جنيف" للانشغال بمناقشة مشروع الدستور الذي أعده الروس، فإن هذا سيكون مجرد قفزة في الهواء، وسيكون إضاعة للوقت بينما يواجه الشعب السوري عمليات اقتلاع وتهجير متواصلة، ويواجه كل هذا الذبح المتواصل الذي لم يتوقف ولو لحظة واحدة.
أخر كلام
الأزمة السورية والنهاية البعيدة!!
20-02-2017